8 مارس 2013 تعتبر المرأة فئة مهمة وأساسية في تشكل وتكون المجتمع، وتساهم بشكل محوري في رقي وتقدم هذا المجتمع نحو الأحسن، وضمان استمراريته وتماسكه وفعاليته، فالمرأة على مر العصور انخرطت ويشكل ايجابي ومسؤول في تحرر الشعوب، وكانت دائمة الحضور إلى جانب الرجل من أجل التصدي والوقوف ضدا على الغزو الأجنبي والاستعمار الغربي والغريب عن الوطن والهوية. كما ساهمت في تكوين أطر عديدة في مجالات متنوعة ومختلفة موجودين حاليا على رأس هرم أكثر (((مؤسسات الدولة))) حساسية وخطورة، حيث لعبت حينها دور الأب والأم في نفس الوقت. سنة تلو أخرى، يتم التهليل والترويج في الأوساط المجتمعية المغربية، وخاصة في المجتمعين المدني والسياسي، لمفاهيم ذات حمولة سياسية وفكرية وديمقراطية عميقة، من قبيل “العهد الجديد”، “المساواة”، “ترسيخ ثقافتي حقوق الانسان” و”حقوق المرأة”، “إشراك المرأة في التدبير المؤسساتي”، بينما الواقع المعاش ينفي ويدحض كل هذه العبارات والشعارات الرنانة والمزيفة من أجل تزيين الصورة المغربية أمام المنتظمين الاقليمي والدولي، والضحك على عقول المغاربة، لأن: 1)- المرأة المغربية مازالت تعاني من العقلية الرجولية السائدة في أوساطنا، رغم أنها دخيلة على المجتمع الأمازيغي بالمغرب، وهذه العقلية التقليدية والمستوردة ليست لا من فكر و لا من ثقافة إيمازيغن بشمال إفريقيا، لأن المرأة لديهم كانت تحضى برعاية وقيمة خاصة ومهمة، وما إسم المرأة باللغة الأمازيغية “تمغارت”Tamghart لدليل على أنها ذات مهابة وهبة مجتمعية محترمة. 2)- المرأة المغربية مازالت تقاصي جراء سياسات التهميش والإقصاء، الممنهجة من طرف الدولة المغربية وضد الشعب المغربي، فكم من إمرأة مازالت تلد/ تولد على أرصفة المستوصفات والمستشفيات، وكم من أخر لم يجدن أدنى وسائل ووسائط التوليد والولادة والتطبيب بسبب الإهمال الذي تعاني منه وتعيشه المناطق المغربية المهمشة، خاصة مناطق الريف والأطلس اللذان أغلب مستوصفاتهم تفتقر إلى الأطر الطبية والشبه طبية، بينما المناطق الجبلية الأخرى فهمي تنعدم فيها المستوصفات وتعتبر من باب الخيال لدى ساكنة هذه المناطق. 3)- إن المرأة المغربية أصبحت تخاف من الخروج من المنزل من أجل الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة أو القيام بدورها كمربية ومدرسة أجيال المستقبل، أو كطبيبة وممرضة تساعد الأطفال والنساء في محنهم اليومية، نظرا للسلوكات الرجولية العنفوانية اللأخلاقية واللانسانية التي تعبر عن الكبت النفسي والجنسي والأمراض النفسية المتمثلة بالخصوص في تناقض الشخصيات وتعددها وكذا إستلابها، من تحرشات وإغتصابات وإختطافات،تبرهن عن أزلية وسرمدية قانون الغاب رغم التربية والتمدرس الذي يتلقاه أفراد مجتمعنا. بالإظافة إلى استغلال الأطفال من أجل العمل الغير قانوني، وتشغيلهم قبل بلوغهم سن الشغل، واستغلالهم في تكوين شبكات للدعرة الداخلية والخارجية والتسول المدعومين والمحميين من طرف مؤسسة الفساد بالمغرب. 4)- إن إقصاء المرأة من العمل المجتمعي الفعلي والعمل السياسي المؤسساتي، دليل وحجة ثابتة على مستوى الوعي الذي يعيشه مجتمعنا، والقصور الفكري، وقلة التجربة والوعي السياسيين، يوحيان بالهيمنة المطلقة للرجل في ميادين تدبير مؤسسات وأجهزة الدولة، و لا خير دليل على ذلك، منح منصب واحدة لسيدة مغربية في الحكومة النصف-ملتحية، بينما تم إقصاء كفاءات وقدرات نسائية عالية من مناصب كانت لتكون أكثر عطاءا ومردويدة لو تم إشراك المرأة فيها. 5)- رغم التطبيل اليومي في المنابر المخزنية التلفزية وبعض مقرات أذيال هذا النظام لحقوق المرأة وضرورة منحها حقوقها المشروعة والمنصوص عليها عالميا في المواثيق الدولية، إلا أن محور ومجال الاستغلال السياسوي لها مازال قائما وثابتا، بل تطور ليعرف أساليب أكثر دهاءا وذكاءا، وأكثر استحمارا واستغباءا للشعب والمجتمع المغربي، وأكثر تدنيسا وإفراغا لمحتوى العمل الحقوقي والسياسي، فكم من تقدمي وحداثي استغل المرأة لارساء دعائم ولبنات اديولوجيته، وكم من علماني استغل المرأة لشرعنة ممارساته وسلوكاته التي أحيانا تختلف طولا وعرضا مع جوهر ولب العلمانية، وكم من سياسي دنس وسيس المرأة، من أجل جمع ولم اكبر عدد ممكن من المناصرين والداعمين له، باسم الاشراك السياسي للمرأة في تدبير الشأن العام، وكم من رجل سلطة ونفوذ استغل براءة وكرامة المرأة من أجل إشباع غرائزه وشهواته الجنسية، وكم من نساء استغلن أنوثتهن والحراك المجتمعي النسائي من أجل شرعنة سلوكاتهن وانحرافتهم اليومية باسم حقوق وإنصاف المرأة. أصبحت المرأة المغربية في ظل أوهام التقدم والتنمية والحداثة التي نعيشها، والتي يطبل لها أوبواق وأذيال هذا النظام المخزني، من إذاعات وقنوات تلفزية وطنية، من جرائد ومجلات مستقلة وغير مستقلة، من أبواق إلكترونية تتجسس على خصوصيات المتصفحين، مهددة في كرامتها وأنوثتها واستقلاليتها الشخصية، وحياتها الدراسية والمهنية، فالنخب المخزنية كانت ومازالت تهديدا حقيقيا لمسألة الانتقال الديمقراطي بالمغرب، ومسألة حقوق المرأة بالخصوص، لأن العقلية التقليدانية للنظام المخزني المغربي مازالت سارية المفعول، وخاصة في ظل استفحال الأمية والجهل نتيجة سياسة التعليم: التعلم – اللاتحصيل، وبالتالي مسألة إنصاف المرأة رهين بالانصاف الذاتي، أي وجب للفرد وبالأخص المطالب بحقوق المرأة البدء بمحيطه الداخلي، أي من الخاص نحو العام.