تواصل السلطات المغربية العمل المكثف والسريع من أجل البحث عن الحلول اللازمة لتدبير الأزمة الصعبة التي تواجهها على مستوى ضعف الموارد المائية وتأمين حاجيات المناطق الأكثر تضررا في الأشهر المقبلة، إذ كشفت وزارة التجهيز والماء عن "وضع منصات الضخ التي ستمكن من الشروع في استغلال الأجزاء السفلية للسدود". ووفق المعطيات من وزارة التجهيز والماء، فإن خطط تدبير الأزمة المائية بالبلاد تضم عددا من الإجراءات الرامية إلى التخفيف من حدتها، مثل تنفيذ مشاريع الربط بين الأحواض وتجهيز الآبار الجديدة. كما أن الوزارة تعتزم استعمال الشاحنات الصهريجية لضمان تزويد سكان المناطق النائية بالماء الصالح للشرب، وأكدت أنه عند الحاجة ستستعمل "المحطات المتنقلة لتحلية المياه الأجاجة لتوفير الماء الصالح للشرب بالمناطق القروية المعزولة، بالإضافة إلى تعديل قواعد تدبير المياه بالسدود". وأفادت الوزارة التي يشرف عليها نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بأنه سيتم القيام ب"عدد من المشاريع الهيكلية التي ستشمل إنجاز قنوات ربط جديدة لإمداد المناطق المعنية بالماء الشروب"، بالإضافة إلى العمل على تقليل "التسربات المائية والرفع من مردودية شبكة توزيع الماء". وشددت وزارة بركة على استعمال المياه العادمة المعالجة بواسطة الشاحنات الصهريجية لسقي الأحزمة الخضراء، ومنع تراخيص الحفر بالطبقات المائية العميقة وبجوار حقول التقاط الماء الصالح للشرب والعيون ومن الأودية، وهي الإجراءات الرامية جميعها إلى الحفاظ على الموارد المائية من الاستهلاك غير المعقلن. وبخصوص المناطق الأكثر عرضة للعطش في الصيف والأشهر المقبلة، أوضحت الوزارة أن المناطق الأكثر تضررا من الوضعية المائية الصعبة التي يشهدها المغرب هي "طنجة وأصيلة والمناطق المرتبطة بهما، بالإضافة إلى مناطق سوس ماسة، وجنوب الدارالبيضاء مثل مديونة، وبوسكورة، ودار بوعزة، وسطات، وبرشيد والمدن المجاورة"، إلى جانب المدن الواقعة أسفل وادي أم الربيع وهي "سيدي بنور والزمامرة والرحامنة واليوسفية"، وهي المعطيات التي تؤكد أن العديد من المناطق ستواجه صعوبات على مستوى التزود بالمادة الحيوية. أما بخصوص الأنشطة الفلاحية التي تمثل أكبر مستهلك للماء، فسجلت الوزارة أنه من أجل ضمان التوازن بين الأمن المائي والغذائي، يجري العمل على مواصلة جهود تعبئة موارد المياه الاعتيادية وغير الاعتيادية، وتثمين موارد المياه المعبأة الموجهة للسق، فضلا عن وضع سياسة تعريفية محفزة على اقتصاد وتثمين الماء. كما أكد القطاع الحكومي ذاته على نهج سياسة تطوعية لتدبير الطلب من خلال تعميم تقنيات السقي المقتصدة في استعمال الماء، حيث تم الانتقال إلى السقي الموضعي، وذلك على مساحة إجمالية تقدر ب 750 ألف هكتار، ومواصلة جهود خفض ضياع المياه إلى أقصى حد ممكن على مستوى شبكات النقل والتوزيع بالمساحات المسقية. واعتبرت وزارة التجهيز والماء أن الرفع من إنتاجية المياه في المجال الفلاحي يمثل أحد التحديات المطروحة خلال هذه المرحلة، إلى جانب احتواء الطلب على مياه السقي وتوجيه توزيعه الجغرافي قصد ملاءمته مع كميات المياه المتاحة، وتعزيز آليات تدبير ومراقبة تطوير السقي الخاص، لا سيما انطلاقا من فرشات المياه الجوفية، وتوجيه الفلاحين لمزاولة طرق السقي المستدامة والزراعات الأكثر ملاءمة لمحدودية الموارد المائية. كما دعت الوزارة ذاتها إلى الاستثمار في عصرنة الفلاحة كوسيلة أساسية لضمان وتطوير الأمن المائي والغذائي للمغرب، ويشمل ذلك الاستثمار في الابتكار العلمي والتقني وتطوير فلاحة مواكبة للتغيرات المناخية، واللجوء إلى المياه غير التقليدية كتحلية مياه البحر مثل ما يجري في الداخلة وأكادير.