عرفت بعض المدن المغربية، في الآونة الأخيرة، حوادث نصب واحتيال تحت ما بات يسمى ب"التسويق الهرمي" الذي يجذب بعض المواطنين اللاهثين وراء عن الربح السريع قبل أن يقعوا في شباك نصابين ومحتلين محترفين. وقد أوقفت السلطات، أول أمس الأربعاء، زوجين مغربيين بمطار أكادير المسيرة، للاشتباه في تورطهما في ارتكاب أفعال تتعلق بالنصب والاحتيال في إطار شبكة للتسويق الهرمي، تزامنا مع توقيف امرأة في مدينة بني ملال للاشتباه في تورطها في الأفعال الإجرامية نفسها. وتمنع المادة ال58 من القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك "البيع بالشكل الهرمي أو بأي طريقة أخرى مماثلة تتعلق خاصة بعرض منتوجات أو سلع أو خدمات على المستهلك، مع إغرائه بالحصول على المنتوجات أو السلع أو الخدمات المذكورة بالمجان أو بسعر يقل عن قيمتها الحقيقية وبتعليق البيع على توظيف سندات أو تذاكر للغير أو على جمع اشتراكات أو تقييدات". كما منعت الفقرة الثانية من المادة ذاتها "اقتراح قيام مستهلك بجمع اشتراكات أو تقييد نفسه في قائمة مع إغرائه بالحصول على مكاسب مالية ناتجة عن تزايد هندسي لعدد الأشخاص المشتركين أو المقيدين". كما نصت المادة 183 من القانون ذاته على أنه "دون الإخلال بالعقوبات الأشد، يعاقب على مخالفات أحكام المادة 58 بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من 20 إلى 40 ألف درهم". وأضافت المادة ذاتها أنه "علاوة على ذلك، يمكن الحكم على مرتكب المخالفة بإرجاع المبالغ التي تم دفعها من قبل الزبناء غير الراضين دون أن يكون له حق الرجوع على الذين توصلوا بالسلعة". في هذا الصدد، قال عبد الكريم الشافعي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك بالمغرب ورئيس الفيدرالية الجهوية لحقوق المستهلك بجهة سوس- ماسة، إن "جمعيات حماية المستهلك تتوصل بشكل مستمر بشكايات في هذا الصدد، حيث توصلت مؤخرا ببعض الشكايات قبل أن يسحبها مقدموها خوف مما أسموه الفضيحة"، مسجلا أن "العديد من المواطنين، بمن فيهم موظفون، يقعون ضحية للنصب والاحتيال؛ غير أنهم لا يبلغون عن ذلك خوفا من نظرة المجتمع إليهم". وأوضح المتحدث ذاته أن "قانون حماية المستهلك يضم مجموعة من المقتضيات التي تحمي هذا الأول عند إجراء أي عملية بيع أو شراء؛ لكنه للأسف الشديد فإن بعض المستهلكين يلجؤون إلى هذا النوع من البيع بحثا عن سبل الربح السريع ثم يقعون بعضها ضحية نصب واحتيال، وبالتالي فإن المستهلكين يجب أن يكونوا على درجة كبيرة من الوعي القانوني تُجاه هذه الممارسات الممنوعة". ولفت الشافعي، إلى ضرورة تكثيف عملية التوعية والتحسيس لحماية المستهلك من الوقوع كضحية للنصب والاحتيال، سواء نتيجة غياب الوعي القانوني لديه أو من جراء جهله بهذه الأمور، مسجلا أن "المستهلك غير محمي إذا ما تعرض لعملية نصب واحتيال عن طريق التسويق الهرمي؛ ذلك أن القانون واضح في هذا الإطار، ويمنع هذا التسويق تحت طائلة العقاب. وبالتالي وجب عليه أن يحمي نفسه ويتحصن بالوعي الكافي تجاه هذا النوع من البيع والتسويق أو ما يمكن أن نسميه مشاريع الاحتيال". من جانبه، قال وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك بالمغرب، إن "البيع أو التسويق الهرمي يمثل في الحقيقة إشكالا كبيرا وبوابة سهلة للنصب والاحتيال على المواطنين، خاصة أولئك الذين ينحدرون من أوساط اجتماعية هشة أو غير المتعلمين منهم، حيث تصطادهم شبكات التسويق الهرمي لتستغل وضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية من أجل النصب عليهم"، مشيرا إلى أن "هذا النوع من البيع تسبب في الشتات لمجموعة من الأزواج والعائلات، ليصبح بذلك عاملا مهددا للاستقرار الأسري والاجتماعي". وأوضح مديح، أن "التسويق الهرمي ممنوع في عدد من الدول، وليس فقط في المغرب. ووعيا منه بخطورته، فقد عمل المشرع المغربي بدوره على منعه في إطار القانون المتعلق بحماية المستهلك ورتب عقوبات مالية وحبسية على مخالفة هذا المنع". وخلص رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك بالمغرب إلى ضرورة "التسلح بالوعي الكافي لتفادي الوقوع ضحية شبكات هذا النوع من التسويق، والتي تسببت في خسائر كبيرة بالنسبة لعدد من المواطنين.. وبالتالي الحد من نشاط هذه الشبكات الاحتيالية؛ لأن هذه الأخيرة إذا وجدت في مواجهتها مواطنا واعيا بما له وما عليه، فبالتأكيد لن تجد أي سبيل للنصب عليه وسلبه أمواله بهذه الطرق الاحتيالية".