لقد تشبع شبابنا في الآونة الأخيرة ، بأفكار سلبية شتى ، فأثرت على المجتمع والوطن ككل ، لتنتج لنا سلوكات منحرفة عديدة ، ورغبات عجيبة ، تجعلنا نتساءل عن مصدرها ودوافعها ، وفي الرجوع إلى ماضي أو حاضر هؤلاء الشباب ، نجد أن أهم مرحلة مر أو لازال يمر منها جلهم ، هي مرحلة التعليم ، ليجعلنا ذلك نفكر في جودته ودوره الرئيسي ، باعتباره مخلقا أولا للمجتمع ، وموطنا لشبابه . إلا أننا نكتشف في الأخير واقعا مقلقا للتعليم ببلادنا ، فإلى جانب المشاكل التي تعاني منها المدرسة المغربية فيما يتعلق بهيئة التدريس وكذا نظامها اللغوي والتنظيمي ، نجد اختلالا مهما يتعلق بالجانب التربوي والاجتماعي ، إذ أننا نلاحظ غيابا تاما للتأطير الاجتماعي وكذا القانوني الذي سينتج لنا مواطنا ، في المناهيج والمقرارات الدراسية ، وكذا في الأنظم العامة التي تعتمدها بلادنا في قطاعها التعليمي . إن المكون الوحيد في تعليمنا الذي يهدف إلى تخليق التلاميذ وتأهيليهم اجتماعيا وكذا في الشق القانوني ، هو مكون التربية على المواطنة أو التربية الوطنية ، هذا المكون المنبثق عن مادة الاجتماعيات ، يُدرس إلى جانب مكونين بعيدين كل البعد عنه ، وهما التاريخ والجغرافيا في بعض المستويات الدراسية بالسلك الإبتدائي والسلك الإعدادي ، فيما يغيب تماما عن مقررات التأهيلي ، وتوهب له ساعة كل أسبوع ، في وقت يعتبره بعض أساتذة المادة مكونا ثانويا غير مهم بالمقارنة مع باقي المكونات ، ويضم هذا المكون دروسا متكررة ، توضح بعض القواعد الاجتماعية والقانونية البديهية ، وتدرس بشكل عابر كأنها من عبق التاريخ أو عملية حسابية رياضية . وعلى هذا الأساس فإن الأنظم المدرسية ببلادنا تخلو بشكل مريب مما يؤهل التلاميذ اجتماعيا وقانونيا ، لذا نجد أطفالنا وشبابنا ، جاهلين قمة الجهل ، بقوانين وتنظيمات بلادنا ، بشكل يجعلهم معرضين للخطر ، باعتبار أن القانون لا يحمي المغفلين ، كما يؤهلهم لارتكاب معاص خطيرة ، تؤدي بمجتمعنا إلى الهاوية ، كما أن هذه المعظلة ، تجعل التلاميذ غير مؤهلين لممارسة الحياة العامة ، والعمل الاجتماعي والثقافي ، وهذا ما نلمسه حاليا ، من خلال تشبع مجتمعنا الشبابي بأفكار متطفلة ، تغيب عنها روح المواطنة ، وتغيب عنها روح التربية السليمة الحقة .