عثر علماء على "دواء حي" غير عادي في الدم لأحد الناجين من السرطان في مراحله الأخيرة، ما يعطي آمالاً واعدة بإيجاد علاجات ناجحة للكثير من المصابين بمرض السرطان، وفق ما جاء في تقرير لموقع "Science Alert"، نُشر الأربعاء 2 أغسطس 2023. فبعد عام من العلاج كان جسم هذا المريض لا يزال محمياً بأسطول من الخلايا المناعية القاتلة، المعروفة باسم "الخلايا التائية"، وقد وجد الباحثون في جامعة كارديف البريطانية، أن هذه الخلايا التائية الخاصة قد تلعب دوراً أفضل بكثير في التعرف على الأورام ومهاجمتها من الخلايا التائية العادية. نتائج مفاجئة لعلاج السرطان: فيما يوضح عالم الأحياء في جامعة كارديف، آندي سيويل، أن "النتائج التي توصلنا إليها فاجأتنا حقاً، لأنه لا أحد يعرف أن الخلايا التائية الفردية يمكنها التعرف على الخلايا السرطانية عبر عدة بروتينات مختلفة مرتبطة بالسرطان في وقت واحد". كما تابع قائلاً: "أردنا أن نعرف كيف شفي بعض المرضى المصابين بالسرطان في المراحل النهائية، والذين عولجوا بعلاج (الخلايا الليمفاوية المتسللة إلى الورم TIL)، بالتخلص من السرطان لديهم، لذلك بحثنا عن إجابات". في العقد الماضي أو نحو ذلك، ظهر العلاج بالخلايا الليمفاوية المتسللة إلى الورم (TIL) كطريقة جديدة وقوية لاستئصال الورم في المراحل المتأخرة. ويتضمن علاج "TIL" أخذ خلايا الدم البيضاء الخاصة بالمريض مباشرة من الورم، وجعلها تنمو، مع تعزيزها بشكل مصطنع لمهاجمة السرطان بشكل أفضل. وفي التجارب السريرية يبدو أن العلاج يعمل بشكل ناجع بأكثر من 80% حتى الآن. رغم هذه النتائج المذهلة فإن العلماء لا يزالون لا يعرفون كيف يعمل ذلك العلاج على المستوى الخلوي. ويحاول الباحثون في كارديف الوصول إلى ذلك السر، وقد حققوا تقدماً كبيراً نوعاً ما. فعند فحص نتائج المرحلتين الأولى والثانية من التجارب السريرية، حيث تلقى 31 مريضاً مصاباً بسرطان الجلد علاجاً للخلايا الليمفاوية المتسللة "TIL"، وجد الباحثون أن أولئك الذين نجحوا في التخلص من المرض لا يزالون يظهرون استجابات قوية للخلايا التائية بعد أكثر من عام. كانت الخلايا التائية من أحد هؤلاء المرضى "متعددة الجوانب" بشكل ملحوظ، ما يُظهر القدرة على الاستجابة لمعظم أنواع المرض الخبيث، وليس سرطان الجلد فقط. يقول سيويل: "الأهم من ذلك أننا رأينا أعداداً كبيرة من الخلايا التائية متعددة الشُّعب في دم الناجين من المرض الخبيث". وتابع: "حتى الآن لم نعثر على مثل هذه الخلايا التائية متعددة الشُّعب في الأشخاص الذين يتقدم فيهم السرطان". لتأكيد ما يحدث بالفعل، يجب على سيويل وزملائه الآن أن يشاهدوا بعناية هذه الخلايا التائية متعددة الجوانب وهي تهاجم السرطان في المختبر، فعندها فقط سيكونون قادرين على تحديد ما إذا كانت هذه الخلايا المناعية مسؤولة عن النتائج العظيمة للعلاج ب"تي آي إل". حيث يقول عالم المناعة في جامعة كارديف، جاري دولتون، وأحد المؤلفين المشاركين في الدراسة: "نأمل التحقق مما إذا كان من الممكن استخدام الخلايا التائية متعددة الشُّعب المهندسة لعلاج مجموعة واسعة من السرطانات، بطريقة مشابهة لكيفية استخدام خلايا CAR-T المهندسة الآن لعلاج بعض أنواع اللوكيميا (سرطان الدم)". خلايا "CAR-T" هي علاجات خيمرية لخلايا تائية لمستقبلات المستضدات، وقد تمت الموافقة عليها بالفعل كعلاج لسرطان الدم من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية. ويختلف "CAR-T" قليلاً عن علاج "TIL"، لأنه يعيد برمجة خلايا تائية معينة لاستهداف أجزاء معينة من الخلية السرطانية. نظراً لأن الخلايا التائية المستخدمة في "علاج تي آي إل" تأتي مباشرة من ورم صلب، فهي أكثر تنوعاً، ولا يحتاج العلماء إلى العبث بآليات هجومهم بنفس القدر، ربما هذا ما يجعلها فعالة للغاية ضد العديد من أنواع المرض الخبيث.