أحيانا تكون مصيبتنا في ضعف ذاكرتنا، لذا يتوجب علينا تنشيطها من خلال استحضار محطات عشناها أو تفاعلنا معها، حتى لا تترك عرضة للإفتراس والطمس من قبل طحالب تنمو وتنتعش وقت الإنحطاط الناجم عن إنسحاب الفاعلين الحقيقيين من الساحة الثقافية والسياسية..بعدما إنحاز غالبيتهم للموقف الحيادي السلبي المتنافي مع رسالتهم التاريخية النبيلة. وبالعودة إلى مسألة الذاكرة ومحاولة نبشها في هذه السطور،خاصة مع تزايد الإفتراءات على تاريخ عشناه بحلوه ومره،وساهمنا في صنع بعض أحداثه، سلبا كانت أو ايجابا. فلو كان الأمر يتعلق بتقييم مرحلة أو التعليق عليها لقلنا؛ هو رأي يخص صاحبه، وله كامل الحرية في إصدار حكمه الذي لا يلزمنا، شريطة أن يستند هذا الرأي على معطيات ووقائع حقيقية وإلا سقط صاحبه في متاهة " ما بني على باطل فهو باطل " وللأسف ذاك ما وقع! وبطل هذا الإفتراء البين أستاذ جامعي كان من المفروض ان تلزمه رسالته الوظيفية الصدق والأمانة، فهو أولا وأخيرا بيداغوجي يساهم في صنع مستقبل الأمة، وانحراف أمثاله هو اهتزاز لبنيان المجتمع وضياع لأجيال الغد بكاملها.الشيء الذي لم يستوعبه صاحبنا الأستاذ الذي اغواه شيطان فاوست( مسرحية غوته،الطبيب فاوست من كثرة الطمع باع روحه للشيطان) فانساق وراء المصلحة الشخصية حتى بدأ في نسج وقائع لا أساس لها من الصحة حول جمعية الماس الثقافية وكيف تبلورت فكرة تأسيسها على أرضية الواقع؟ لكن أكبر استفزاز هو حين ادعى،بلا خجل، أن رئيسا لتجمع صوري لا هياكل ولا برامج له ساهم في تأسيس الجمعية رغم خلو محاضر اجتماعيات اللجنة التحضيرية من إسمه، فبالأحرى حضوره معنا أثناء التأسيس. ويبدو أن هدف الأستاذ من اقحام هذا الشخص وتلميع صورته راجع إلى رغبته الإستفادة من تبجح الرئيس الصوري بعلاقته برئيس الحكومة الحالية أخنوش الذي يتملق له ويسميه أمغار عنوة على امازيغن. طبعا هي مجرد علاقة مصلحية في جانبها المادي الصرف( الإستفادة من الاشهار، الإستفادة من الوظائف في دواوين الوزراء...) والتي يسعى، على ما يبدو،أستاذنا الجامعي إلى الإستفادة منها أيضا لعل وعسى...!. وحتى لا نترك الحقيقية تسحق وتبتلع من الباطل، سأسرد بعض الوقائع التي سبقت تأسيس جمعية إلماس الثقافية بالناظور كثمرة لمجهودات وتضحيات أشخاص بسطاء آمنوا بالهوية الحقيقية للشعب المغربي " الأمازيغية " ودافعوا عن عدالة قضيتها بالغالي والنفيس منهم من توفي رحمه الله ومنهم من طواه النسيان( عمال، تلاميذ، طلبة،أساتذة، أطباء، شعراء، كتاب...) مع العلم ان الواقع الثقافي والسياسي ما بعد انتفاضة يناير 84 بالناظور كان شبه ميت بعدما تسرب اليأس إلى بعض النفوس الضعيفة. وفي هذه الأجواء السوداوية عقدنا عدة اجتماعيات، دورية أحيانا وعفوية في الغالب، بعيدا عن العيون التي لا تنام! وأثناء انتشار الخبر،زحف إلينا بعض المتحزبين لركوب الموجة،لكن أغلقت الأبواب في وجههم بسبب تحملهم مسؤولية إقبار جمعية الانطلاقة الثقافية بالناظور الغنية عن التعريف. وتواصلت لقاءاتنا واجماعاتنا زهاء سنتين لتتوج بإلتحاق عدة أطر،حتى من المتواجدين خارج الإقليم، فتقرر فتح نقاش علني مع كافة الفعاليات الثقافية والسياسية للإستفادة من رياح الديمقراطية التي هبت على الجارة وقتذاك، وأيضا هبت على أوربا الشرقية حيث اثمرت بسقوط جدار برلين. فكانت اللحظة مواتية للإعلان عن ميلاد الجمعية،وأثناء الجمع العام التأسيسي انبهر الجميع أمام الحشد الجماهيري الكبير والقوي حيث تصدى بكل عفوية للمناوئين لهذا المشروع الذين انسحبوا بعد فشل مسعاهم. بالفعل نجحنا رغم سياسية التسويف المخزني التي كانت أقل عداوة من حقد وعداوة الأحزاب القومية المرتبطة بالبعثية والناصرية والتي عارضت حق وجودنا إلى درجة مناشدة الدولة على منعنا،وحين أيقنت بأن إصرارنا لا يزعزع، حاولت أن تفجر الجمعية من الداخل عبر زرع ثقافة المؤامرة والتشكيك فيما بيننا. من سخرية القدر في الزمن المغربي العجيب هو أن يتبوأ المناصب العليا المخصصة للامازيغية من بالأمس القريب عدو لها، وما أكثرهم!.وللتاريخ، نقول بلا ادعاء، تأسيس جمعية إلماس الثقافية بالناظور اعتبر أهم حدث ثقافي عرفته المنطقة خاصة وأنه حضي بمباركة الغالبية بما فيهم المعتقلين السياسيين الذين توصلوا بأرضية الجمعية أثناء زيارتي لهم في سجن عين قادوس. فأين كان الرئيس الصوري المستفيد الأكبر؟ طبعا لن يجيب لسبب بسيط يكمن في تواجده بفرنسا وعدم إهتمامه بالقضية أصلا، فهو يعترف أن الامازيغية سمع عنها من خلال زملاء له في الجامعة من أصول قبائلية جزائرية، فحفزوه للاهتمام والايمان والنضال عبر القارات!!!. الهدف من سرد هذه المعطيات هو تنوير الرأي العام المحلي درءا لكل تضليل وافتراء،وما تضمنه هذا المقال هو فتات قليل من القليل.