في شهر أكتوبر من سنة 2008 اجتاحت الناظور كما نتذكر فيضانات عاصفة، قتلت عددا من الأرواح و خلفت دمارا و خسائر جسيمة في معظم مناطق الإقليم. و لأن هذه الفيضانات جاءت في عز تغيير الحكومة لنوعية ردود فعلها اتجاه هذه الكوارث فإنها أرسلت آنذاك وزيرة التنمية الاجتماعية نزهة الصقلي للإطمئنان على الوضع و الاستماع للمواطنين في لقاء مفتوح بعمالة الناظور. و بعد نهاية اللقاء الذي عقد 15 أكتوبر، قامت الوزيرة رفقة عامل الناظور آنذاك عبد الوافي لفتيت بجولة ميدانية، ربما كان من حسن حظي أن حضرتها، بدأتها بحي المطار و إقامات الشعبي. و قد ظهر للوزيرة أن هاته المنطقة من الأكثر تضررا رغم حداثة بناياتها، و هنا سمعت لفتيت يرد عليها قائلا “و ماذا تريدينني أن أفعل إن هاته التجزئة غير مرخصة و لا تتوفر بعد على شهادة تسليم”. و الذي وقع أن منطقة المطار كانت تابعة في ذلك الوقت لنفوذ جماعة بوعرك، و تمكنت شركة الشعبي من البناء و البيع، بل و تغيير بعض ملامح مخطط التجزئة و غلق واد كان يمر وسطها و البناء فوقه و استعمال قنوات صرف صغيرة الحجم لا تكفي حتى في الأيام العادية ، و كل هذا كان وراء تعرض الحي لفيضان كارثي... كما أن تجزئة الشعبي عانت و لا تزال مشاكل مع سكان حيها الذين سبق و احتجوا على تحويل بقع مخصصة للمساحات الخضراء لمزيد من العمارات إضافة للتأخر الكبير في إتمام المنظور من الحدائق و المرافق العامة مقابل تسارع في بناء العمارات الجديدة، كما أن ضعف البنية التحتية أدى لصعوبة كبيرة في وصول المياه الصالحة للشرب للشقق العليا في العمارات، الشقق نفسها بدأت تظهر عليها ملامح الغش و بدأت صباغة حيطانها تتهاوى من ناحية أخرى سيفاجأ كل من يود شراء شقة بالحي من كون الأثمان الاولية قد تم تعديلها و في أحيان كثيرة يؤدي المشتري ثمنا يفوق كثيرا المتفق عليه في عقد البيع و تستغل الشركة هنا الإقبال الكبير الذي عرفته الأشطر الأولى من الحي أولا من طرف الطبقات المتوسطة و كذا من المهاجرين و حتى من بعض أباطرة العقار الذين تمكنوا بشيئ من “التفاهم" من الحصول على عدة شقق بأسمائهم و أسماء أقربائهم و تركوها خاوية تبييضا فقط لأموالهم أو في إنتظار إرتفاع أثمانها... لن أشرح اليوم شيئا من الواضحات المفضحات من العلاقات بين مسؤولي جماعة بوعرك آنذاك و مسؤولي الشعبي، و لكن أتساءل لماذا تحولت هذه الشركة العريقة التي دفعت صاحبها لقمة هرم الأثرياء في المغرب، الى وحش كاسر بالناظور، لا فرق بينها و بين” طاشرونات” العقار الجشعين الذين خربوا المدينة قبل وصوله و لا يزالون. و لأننا في المغرب دائما، فإن كل من يذكر الشعبي مطالب بحكم كل قوانين السببية بالحديث عن الضحى، العدوان اللدودان الذين خاضا معارك اعلامية و قانونية في عدد من بقاع هذا الوطن. فالضحى التي لا تزال لحد اليوم عاجزة عن بناء القطعة الكبيرة التي حصلت عليها في ظروف لا يعلم عليها أحد شيئا بحي المطار بالناظور، إختارت أن تلج هي ايضا هذا السوق عبر بوابة الصديق الكبير لمديرها العام، و الحديث هنا عن مدير عام الضحى أنس الصفريوي و صديقه الحميم رئيس بلدية العروي و برلماني المنطقة مصطفى المنصوري. فمسؤولو الضحى، عمالقة السكن الاقتصادي بالمغرب، تأكدوا من أن مشروعهم بحي المطار محكوم عليه بالتأخر بسبب مخطط تهيئة مارتشيكا، لذا كانوا يتحينون الوقت المناسب للدخول من الباب الكبير، حينما يتمكن أحد ما من فتحه لهم… هاته الباب، ليست الا من بنات أفكار شركة اكستريوم العقارية الاسبانية الشهيرة، التي قدمت قبل سنتين عدة دراسات و طلبات لتنفيذ مشروع طموح لبناء مركب كامل لصناعة الاسمنت بين العروي و تزطوطين. و حصلت الشركة فعلا على موافقة عمالة الناظور و مركز الاستثمار بل و حتى اللجنة الوطنية للاستثمار التي يترأسها الوزير الأول و رغم حصولها على رخصة مبدئية للمشروع، فقد تفاجأ مسؤولوها و المتعاونون معها من الناظور باللجنة الجهوية للاستثمارات الشهر الماضي و هي تطيح بالشركة الاسبانية و تمنح نفس القطعة المحجوزة لها لإمبراطورية الضحى و إمبراطورها أنس الصفريوي. و هو تصرف أثار حيرة و استغراب كل من علم به، و خاصة الشركة الاسبانية التي كان من الممكن ان تقدم اضافة حقيقية لقطاع الصناعة بالمنطقة. و بعد صدور هذا القرار، طرحت علامات استفهام طويلة و عريضة حول علاقة المنصوري بهذا الموضوع؟ و اصرار الضحى على افتكاك أراض من شركة أخرى بدل بدء فكرة جديدة، و الادوار التي يكون قد لعبها مسؤولون جهويون في هذه القضية و مدى ارتباط وجود عشرات الهكتارات من الأراضي التابعة لعائلة نافذة بالمنطقة بكل هذا؟ إن ما يهمني و يهم الناظوري البسيط في هذا الملف.. هو ذلك الشعور الموروث بالتميز عن كل المغاربة، و الحقيقة ان هذا التميز يتمثل في استباحة أراضي المنطقة و تعطيل كل القوانين و حرمان المواطنين من حقهم في تنمية عقارية صحيحة و تقديم عرض سكني لا نريده مميزا بل عاديا كالذي تقدمه الشركتان لكل مغاربة الداخل! إن ما يهمني و أظنه يهمكم، هو الوقوف على هذه الفضائح و التحقيق فيها، و حتى إن لم نتمكن، فقراءة هذه الأخطاء بشكل متمعن حتى لا نكررها. إن المواطن الناظوري المغلوب على امره الحالم بسكن اقتصادي عادي، هو مواطن مغربي يقدم واجباته للدولة و ينتظر منها ان تحرص على حقوقه، لا ان تعامله على أنه بقرة يجب حلبها لأقصى حد، فإن لم تحلبه هي مباشرة عبر مؤسسة العمران فهي تقدمه لقمة سائغة بين فكي كماشة العقار بالمغرب! عموما فإن لهذه القصة وجه آخر، قد يكون اكثر سوداوية، هو وجه مؤسسة العمران البشع… و تلك قصة نفرد لها كلماتنا للأسبوع المقبل إن شاء الله و كان في العمر بقية. فيديو من الفيضانات التي ضربت ساكنة حي المطار و تجزئة الشعبي بالناظور أكتوبر 2008 صفحة الكاتب على الفيسبوك: http://www.facebook.com/aouassarm طالع الاعمدة السابقة فضيحة محاولات لهدر ملايير من المال العام بالناظور.. ساعات في جحيم السجن المحلي بالناظور.. مارتشيكا ميد: هل تنجح في وصفة سياحة ناجحة بدون دعارة؟.. على موعد: في إنتظار الملك مرة أخرى!.. صفقة المطار: قلعة الفساد التي ضيعت مستقبل الناظوريين.. هل تجرؤ حكومة بنكيران على فتح صندوق الفساد العفن بالناظور؟.. شياطين المارتشيكا ميد و ملائكة المحتجين عليها ؟ و ماذا لو لم تكن هناك 2011 أصلا ؟.. لم يسل دم المعطلين الجمعة، فنجونا من 84 أخرى.. الناظور و الريف في ظل الحكومة الملتحية الناظور و الريف و الملك و بنكيران..