كما كل بدايات قصص الفساد، بدات قصتنا هذه في أواخر ثمانينات القرن الماضي بواجهة جميلة تحت شعار برنامج التنمية الحضرية للريف الغربي، و هو البرنامج المعروف لدى المهتمين ب DERRO. و هو برنامج ساهم فيه البرنامج العالمي للغذاء بهدف محاربة زراعة و تصدير المخدرات بمنطقة الريف. و لأن لمسؤولي الناظور آنذاك مفهوما آخر لهذا البرنامج فقد أصروا على استعمال موارده لبناء عدد من الفيلات على أراض تابعة للاماك المخزنية وسط الحي الإداري بالناظور، بدعوى تخصيصها كاستراحات لضيوف المدينة المهمين الذين كانت تعجز الفنادق عن استقبالهم. و بعد سنوات، ظهر الهدف الحقيقي من هذا الاستثمار الذي له كل العلاقات بتنمية المنطقة!… بعد تخصيص هذه الفيلات كسكن وظيفي لصالح مسؤولي عمالة الناظور و على رأسهم مدير الديوان الشهير آنذاك الشناوي و معه باشا المدينة و رئيس قسمين مهمين بعمالة الناظور الاجتماعي و الشؤون العامة. كل هذا دون ان يسأل أي واحد في ذلك المغرب، كيف تحولت مساعدات مخصصة من الاممالمتحدة لصالح برنامج غذائي تنموي الى فيلات سكن وظيفي؟ عموما فإن الجزء الخطير من هذه القصة لم يبدأ بعد! فالشناوي و قبل فترة وصوله لمرحلة التقاعد استغل قوته و منصبه ليحصل بشكل قانوني على الفيلا التي كان يسكن بها، و بمبلغ أشبه بالرمزي مقارنة بقيمته الحقيقية، و ما هي الى شهور أخرى حتى باع نفس القطعة في صفقة شهيرة بمبلغ غير معروف يقول بعض العارفين انه يتجاوز المليار سنتيم بكثير. و هذه الفيلا لمن لم يحدد بعد بوصلة الموضوع الجغرافية ليست حاليا إلا إقامة أنطاليا الواقعة فوق مقهى أنطاليا الشهيرة بالحي الاداري. و مرة أخرى لم يسأل أي واحد في ذلك المغرب، كيف يوافق عامل الناظور في ذلك الوقت و معه مدير الأملاك المخزنية على تفويت تلك الفيلا للشناوي و بذلك المبلغ البخس؟؟ و كيف تحولت أموال الأممالمتحدة التي بنيت بها الفيلا من تنمية الريف الى تنمية جيب الشناوي بمئات الملايين. و جرت مياه كثيرة تحت الجسر، و بقيت الفيلات الثلاث الاخرى، رهينة لدى من يحتلها من مسؤولين محليين حتى جاء، التراكس، عبد الوافي لفتيت ابن ثفرسيث الذي قلب الناظور رأسا على عقب. و لأول مرة، يبدو ان لفتيت سأل هذا السؤال و سمع ما سمعه عن صفقة الشناوي، لذا قرر سنة 2009 هدم فيلا الباشا و تحويلها لحديقة عمومية أو تخصيصها لمؤسسة اجتماعية. و بعد شد و جذب و رفض الباشا أرشدان الذي كان قريبا حينها من موعد تقاعده و كان يطمع في تقفي خطوات الشناوي، أمر لفتيت بهدم جزء من الفيلا على رأس الباشا الذي كان لا يزال متشبثا بها و من هناك خرج منها مرغما. و في نفس الوقت كان لفتيت يود هدم الفيلتين الأخريين اللتين يسكنهما رئيس القسم الاجتماعي المتقاعد من عمالة الناظور الصادقي و رئيس قس الشؤون العامة آنذاك بويسغوان، و لولا تدخل شخص ما، و توسطه لهما لدى لفتيت للحقا بالباشا، و لكن لفتيت و إن تراجع عن الهدم أمر بهدم الأسوار المحيطة بالفيلتين و فتح طرق حولها… و منذ ذلك الوقت، بقيت بعض الأشباح أو التماسيح و العفاريت بتعبير بنكيران حريصة على أن يبقى الوضع على ما هو عليه و من ثم الضغط على عمالة الناظور و ادارة الاملاك المخزنية لتفويت فيلا الصادقي المتقاعد اليه في انتظار موعد تقاعد بويسغوان بعد اسابيع من الآن. هذه التماسيح الضخمة، التي عرفت أسرار صفقة الشناوي، حاولت و تحاول جاهدة تكرارها، و لسوء حظها و حسن حظ المال العام، يبدو أن خلافا ما دب بينها بخصوص حظ كل واحد منها في تلك الكعكة، مما ساهم في تعطيل مخططاتها لحد الآن. و اليوم و نحن قريبون من توديع 2012، لا يزال الصادقي المتقاعد من عمالة الناظور يلعب لعبة القط و الفأر مع مسؤولي العمالة فيحاول كل مرة إعادة بناء سور فيلته لتأتي الاوامر بهدمها فيما بعد، و في الأيام القليلة الماضية فقط اعاد بناء جدار يفصله عن فيلا بويسغوان و يحاول تسييج فيلته بالأسلاك، محاولة منه لترسيخ ملكيتها. علما أن السيد الصادقي، يملك مزرعة كبيرة في بركان و منزلا بها يقطن به افراد عائلته، بينما يصر هو على البقاء بعيدا عنها حريصا على المبيت بفيلا الحي الاداري، و الفيلا الاخرى المفروض أنها سكن إداري للسيد محمد بويسغوان الذي تفصله أسابيع فقط عن التقاعد فيسكنها احد اقاربه لأن السي أمحمذ يملك منزلا طويلا عريضا بحي المطار يقطن به رفقة عائلته. و إذا كان الوضع كذلك، لماذا يصر المسؤولان السابقان على ابقاء الفيلتين بحوزتهما و لماذا يواصل الصادقي مطالباته لعمالة الناظور و لادارة الاملاك المخزنية تفويت الفيلا اليه، و لو بمبلغ 12 الف درهم للمتر. إن عامل الناظور الحالي مصطفى العطار و المعروف عنه صرامته مع موظفيه، مطالب بالتحقيق في القضية، و إفراغ المسؤولين السابقين من هذه الفيلات و هدمها و تحويلها لمؤسسات خدمية عامة بفضل مركزها المتميز كما يحدث الآن مع الفيلا التي تم افراغ الباشا السابق منها، كما أن عامل الناظور مطالب بوقف خطط بعض أباطرة العقار الذين دخلوا على خط هذه الفيلا و يستعدون لدفع ملايير مقابل هذه الفيلات لتحويلها لإقامات كبيرة. كما يفترض على قاطنيها و خاصة السيد محمذ بويسغوان ابن الريف، أن يتعفف عن الدخول في هذه المعمعة و ترك الفرصة امام عمالة الناظور لحفظ المال العام و استعماله على أحسن وجه. إن تفاصيل هذه الصفقة متشعبة و لو أتيحت لنا الفرصة لذكر أسماء لعبت و تلاعبت و لا تزال بكواليسها، لربما أصابتنا الصدمة الشديدة، و لكننا نفضل ان نفتح المجال لتحقيق إداري نزيه و نمنح الفرصة لعامل الناظور لإحقاق الحق و استعادة المال العام من الراغبين في التحايل للحصول عليه، و إن كان لا بد من بيع هذه الفيلات فلتبعها عمالة الناظور و ادارة الاملاك في سمسرة علنية تعود بتلك الملايير الى ميزانية الدولة لا الى ميزانيات أخرى… أخيران فإن طرح هذا الملف ليس إلا في إطار إعطاء مثال عما يجري في كواليس الإدارة بالناظور و سنعود في كل مرة إن شاء الله لنفتح جروحا اخرى مطالبين بمداواتها حتى يمكننا أن نأمل في مستقبل افضل لنا و لأبنائنا. بعض الصور للفيلتين المذكورتين صفحة الكاتب على الفيسبوك: http://www.facebook.com/aouassarm طالع الاعمدة السابقة ساعات في جحيم السجن المحلي بالناظور.. مارتشيكا ميد: هل تنجح في وصفة سياحة ناجحة بدون دعارة؟.. على موعد: في إنتظار الملك مرة أخرى!.. صفقة المطار: قلعة الفساد التي ضيعت مستقبل الناظوريين.. هل تجرؤ حكومة بنكيران على فتح صندوق الفساد العفن بالناظور؟.. شياطين المارتشيكا ميد و ملائكة المحتجين عليها ؟ و ماذا لو لم تكن هناك 2011 أصلا ؟.. لم يسل دم المعطلين الجمعة، فنجونا من 84 أخرى.. الناظور و الريف في ظل الحكومة الملتحية الناظور و الريف و الملك و بنكيران..