بمقدور جواب ورد في سياق غير السياق، يفهم بدون اعتبار لكل المحددات الذاتية والموضوعية الموجودة في الواقع، ان يكون له من الاثار الوخيمة ما يكلف وطنا غاليا، ومن التداعيات ما لا يطال جيلا واحدا،بل اجيالا،ومن التأثيرات السلبية ما لا يهم قطاعا حيويا واحدا، وانما قطاعات عديدة دفعة واحدة. هذا كان حال جواب وزارة التعليم العالي المرقم ب01/01214، والصادر يوم 12اكتوبر 2018،الموجه الي السيد وزير الصحة الدكالي انذاك،بهصوص سؤاله عن وضعية الاطباء التابعين لوزارة الصحة الحاصلين علي الديبلوم الجامعي في طب العمل المسلم بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء،فقد ورد فيه بالنص: يشرفني ان احيطكم علما انه طبقا للمقتضيات القانونية الواردة في المرسوم رقم 2.92.182 صادر في 22من ذي القعدة 1413(14 ماي 1993)، بتحديد نظام الدراسة والامتحانات لنيل دبلوم التخصث في الطب، فان الدبلوم الحامعي لطب العمل والطب الرياضي لا يمكن اعتباره دبلوما للتخصص الطبي. جواب التعليم العالي صربح وواضح. لكنه يطرح اكثر من تساؤل اشكالي؛ اولا:الدبلومات الجامعية في ااطب الرياضي وطب العمل المسلمة بالمغرب كما مثيلاتها المسلمة بالمغرب والصادرات عن كليات الطب الفرنسية عبر وسطاء لها في المغرب، ليست دبلومات للتخصص الطبي،لا في المغرب ولا في فرنسا بالنسبة للثانية، بخلاف الدبلومات الوطنية في التخصص الطبي، لكن ما الذي يجعل رفض وزارة التعليم العالي يتجه حصرا الى الديبلومات الجامعية المغربية في حين تستثنى منه الدبلومات الاجنبية الفرنسبة، بالرغم من انهما نفس القيمة، وهو ما تؤكده مراسلات الهيئة الوطنية للاطباء لمختلف الوزارات بهذا الصدد،فبالرغم من اعتراض التعليم العالي على الديبلومات الوطنية، لازالت كل الوزارات تقبل اعتماد الدبلومات الجامعية الاجنبية في طب العمل والطب الرياضي،ولا تجد حرجا في ذلك. ثانيا:ان هذه الدبلومات الجامعية في طب العمل التي يقول جواب وزارة التعليم العالي انها ديبلومات ليست للتخصص الطبي،وفق ما يمليه مرسوم صدر في 1993،هي نفسها الدبلومات التي سمحت لجحافل من الاطباء المغاربة، ومنذ العام 1993،بممارسة طب العمل في مختلف المقاولات الصناعية والفلاحية وبمختلف اوراش الانتاج ،وسمحت لهم بالاضطلاع بمهام الصحة المهنية في القطاعين العام والخاص، دون ان يثير ذلك ادنى اشكال، وبدون ان يتم اشهار المرسوم المعني في وجهها، بل انه والي حد الان، وبالرغم من ظهور المرسوم للعلن واخراجه من السرداب، لا يزال الدبلوم الحامعي في طب العمل الصادر عن ملية الطب بالدارالبيضاء دبلوما معترفا به لدي مجموع المصالح والادارات الحكومية بالمغرب، باستثناء وزارة الصحة، (مندوبية السجون، مصالح الوقاية المدنية.. الخ) ، كما انه هو الدبلوم الذي يتحصل عليه الاطباء التابعون لمختلف فروع المكتب الشريف للفوسفاط، وهي اكبر مقاولة منجمية بالمغرب،وهي لحرصها علي صحة وسلامة العمال لديها ،نظرا للاخطار المحدقة بهم في الاعمال المرتبطة بالمناجم، لا شك انها تشترط جودة التكوين التخصصي في طب العمل. بعد هذين التساؤلين تعقيبا علي جواب وزارة التعليم العالي، قد يتساءل القاريء الكريم، فما الذي جدَّ في دنيا الناس، حتى انطرح مشكل اطباء العمل التابعين لوزارة الصحة حصرا، دون غيرهم من الاطباء،ليبدأ الطعن في دبلوماتهم، ويتم تجميد اعتمادها لدى وزارة الصحة والحماية الاجتماعبة، ومصالح وزارة المالية. ابتدأ المشكل في بحر عام 2016م،حيث تخرج فوجان من الاطباء حاملين الدبلوم الجامعي في طب العمل الصادر عن كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، وحدة الصحة المهنية التي يراسها الاستاذ الخلطي عبدالجليل، القريب من سن التقاعد، وهي الدبلومات المعتمدة في المغرب والمقبولة كدبلومات تخول اكتساب صفة طبيب متخصص في طب العمل منذ العام 1993، كما انها تخول الاستفادة من تعويضات التخصص الهزيلة اصلا(تبدا بحوالي الف وثمانمائة درهم)، ولدى عرض الدبلومات علي انظار اللجنة التقنية للتاهيل في طب العمل، التابعة للمجلس الوطني للاطباء، وهو اجراء روتيني يمر عبره كل الاطباء المتخصصين طالبي الترخيص بممارسة المهنة، واجه الاطباء صدّ السيد رئيس اللجنة، الذي رفض منح الاطباء شهادات المعادلة،بناء علي راي له نشره حينها في مقال، كتبه بالفرنسية،اورد فيه ان الشهادات المسلمة بكليات الطب المغربية لا يمكن معادلتها، ومنحها شهادات التاهيل في طب العمل، لكن بعد مدة، قررت اللجنة البت في الملفات الموضوعة لديها، بمنحها شهادات المعادلة، لكن بناء على المادة20 من القانون المنظم. لممارسة مهنة الطب. فما الذي حملته المادة 20، وهل للمادة علاقة بتجميد ملفات الاطباء المتضررين النابعين لوزارة الصحة. لمقاربة السؤال، وللاجابة عنه، لابد من الاشارة الي ان القانون الاطار المنظم لممارسة مهنة الطب بالمغرب13. 131 ، الصادر في فبراير 2015، قد افرد الفرع الثاني منه لقواعد خاصة بالاطباء الاختصاصيين، وفي الجزء الفرعي الاول المعنون بتقييد حاملي دبلومات التخصص الطبي، نجد المادة 16التي تنص بصريح العبارة، علي انه ليتم التقييد بجداول الاطباء الاختصاصيين لدي الهيئة ،ينبغي الادلاء بالدبلوم الوطني في التخصص الطبي، او بدبلوم او شهادة معترف بمعادلتها للدبلوم الوطني في ذات التخصص، يوجه الي رئيس المجلس الجهوي للهيئة المختص ترابيا... لتخلص الي القول، بانه تحدد السلطة الحكومية المختصة(اي السيد وزير الصحة حسب ما هو مبين في ذيل الصفحة من الجريدة الرسمية)، بعد استطلاع راي المجلس الوطني، قائمة الدبلومات او السهادات المعترف بمعادلتها والتخصصات التي تخول الحق في مزاولتها، وتنشرها في الجريدة الرسمية. اذن فقد تركت المادة 16 الباب واسعا امام امكان معادلة الدبلومات والشهادات، سواء اكانت وطنية صادرة عن كليات الطب والصيدلة المغربية، او كانت قد صدرت عن كليات الطب الاجنبية، سواء بسواء. واذا ما انتقلنا الي الجزء الفرعي الثاني من ذات القانون13. 131،المعنون بتقيبد الاطباء المعترف باهليتهم كمتخصصين،فقد جاءت المادة 20لتفرد حالة خاصة بالضبط والتقييد، هي حالة الاطباء حاملي شهادات او دبلومات غير مسلمة بالمغرب والتي تتعذر معادلتها مع شهادة وطنية للتخصص الطبي، وقد نصت علي ان السيد رئيس المجلس الوطني ،يامر في هذه الحالة، بعقد اللحان التقنية للتاهيل، تضم ثلاثة اطباء اختصاصيين في ذات التخصص، للبت في منح المعادلة للدبلوم الاجنبي من عدمه. لا شك ان القاريء الكريم، قد انتبه الي ان المادة20من القانون 13.131 لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بالدبلومات الجامعية المسلمة بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء ،بالمملكة المغربية، والمعروفة قيمتها العلمية، والمعتمدة كما اسلفنا كدبلومات للتخصص الطبي تخول مزاولة مهنة طبيب العمل منذ 1993. بالرغم من وضوح المسالة من الناحية القانونية، الا ان اللجنة التقنية، لغرض في نفس يعقوب خالفت ما يقتضيه العقل والمتطق السليم، فقررت منح شهادات المعادلة للدبلومات الحامعية في طب العمل المسلمة بكلية الطب والصيدلة بالمغرب ،بالاعتماد علي مادة من القانون، ليس لها علاقة بالدبلومات من قريب ولا من بعيد، ليتم الاعتراض بعدها بسهولة علي شهادات المعادلة هذه،ويتم الطعن فيها، قانونيا، من طرف الخازن المالي لدى وزارة الصحة، كما من طرف المحاكم الادارية في مرحلة النقض، والتي امرت بايقاف تنفيذ الاحكام الصادرة عن محاكم اداستئناف الادارية ببعض جهات المملكة، والتي نصت علي منح الاطباء المتضررين تعويضات التخصص. ان اختيار المادة 20اساسا اتكات عليه اللجنة التقنية لمنح الدبلومات الجامعية شهادات التاهيل في طب الشغل،ادى الى رفض تسوية وضعية الاطباء التابعين لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بعد اعتراض الخازن المالي لديها، وتنبيهه الي ان المادة التي تم اعتمادها لا يمكن القبول بها كمادة تخول الحق قانونا في التخصص، لانها تهم بصفة حصرية الشهادات الاحنبية، كما ادى الي انصراف الاطباء الراغبين في التخصص الجامعي في طب العمل والطب الرياضي،عن التكوينات الحامعية التخصصية التي كانت تمنحها كليات الطب المغربية،ليتم بالمقابل الاقبال علي التكوينات الجامعية التابعة لكليات الطب الفرنسية ،والتي يشرف عليها وسطاء مغاربة، خارج اسوار كليات الطب. يتساءل الاطباء المتضررون ،ما ذنبهم لتحمل جريرة اختيار اللجنة التقنية لدى المجلس الوطني للهيئة الوطنية للاطباء،مادة لا تناسبهم، في الوقت الذي ما كان للمشكل ان يطرح من اساس لو تم اعتماد المواد 16 و25 من ذات القانون، ووفق اي منطق، يمكن القبول باقصاء الاطباء التابعين لوزارة الصحة من الاستفادة من تعويضات التخصص علي هزالتها، في الوقت الذي يستفيد فيه زملاؤهم اطباء مندوبية السجون،والوقاية المدنية وغيرها ،من حاملي نفس الدبلوم، وخريحي نفس الافواح، ووفق نفس الشروط من الحقوق التي يخولها القانون للجميع، كما يتساءل المتابعون لشأن التكوين الطبي،باي حق ووفق اية رؤية، يتم حرمان وطن من تجربة ناجحة ومتميزة امتدت لعقود، ومن كفاءات وطنية قادرة علي منخ تكوين ممتاز في تخصصات طبيك نفتقر الي الاطباء المتخصصين فيها، (يقدر الخصاص في اطباء العمل بحوالي4000طبيب) ، ويمنح علي طبق من ذهب امتياز منح التكوين الطبي التخصصي في هذه التخصصات لوسطاء يشتغلون لصالح جهات اجنبية.