هل ستشكل الغضبة الملكية على شرطة وجمارك الحدود التي أطاحت بالعديد من العناصر والمسؤولين بمختلف النقط الحدودية بإقليمالناظور، نقطة اللاعودة إلى الممارسات الحاطة بكرامة المواطن المغربي خصوصا ممتهني التهريب المعيشي من مدينة مليلية المغربية؟ وهل سيتم القطع مع مظاهر سوء المعاملة والابتزاز والرشوة التي تعرفها مراكز الحدود في حق أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج؟ بعدما أمر صاحب الجلالة الملك محمد السادس بفتح تحقيق في الموضوع طبقا للقانون. بلاغ الديوان الملكي أشار إلى أن التحقيق الذي فتح إثر شكاو تقدم بها عدد من المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج، بشأن تعرضهم إلى سوء المعاملة لدى عبورهم عدد من المراكز الحدودية، أفضى إلى متابعة أزيد من 43 شخصا خمسة منهم في حالة اعتقال من أجل الارتشاء واستغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة ومخالفة المقتضيات القانونية المتعلقة بمدون الجمارك، كل وفق المنسوب إليه. وأثارت التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الموضوع، حالة من الخوف والارتباك في صفوف رجال القوة العمومية العاملين بالمعبر الحدودي ل»باب مليلية»، وظهر ذلك جليا يوم 30 غشت الماضي، إذ شهد المعبر الحدودي حالة اكتظاظ غير مسبوقة بعد توافد عدد كبير من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج العائدين إلى الديار الأوربية عير ميناء مليلية المحتلة، وهو الأمر الذي أرجعته مصادر أمنية إلى عطب تقني مس النظام المعلوماتي الخاص بالمديرية العامة للأمن الوطني، في حين أشارت مصادر من أفراد الجالية إلى أن الأمر راجع إلى النفسية المتذمرة التي يوجد عليها رجال الشرطة والجمارك أمام المتابعات القضائية والاعتقال الذي لحق زملاء لهم من بينهم الآمر بالصرف للجمارك ب»باب مليلية» الذي أمر قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالناظور بمتابعته في حالة اعتقال. عقارب الساعة تشير إلى حوالي الرابعة مساء. الحركة دؤوبة بالنقطة الحدودية ل «باب مليلية»، وعلى بعد حوالي 200 متر من مركز الشرطة والجمارك المغربيين تنتصب مليلية المحتلة، إذ أن خمسة دقائق من الوقت كافية لتغير الزمان والمكان وتبدو الفوارق في التوقيت والملابس وأشياء كثيرة ما بين بني أنصار ومليلية السليبة. يعمد جمركي بزيه الرسمي شبه العسكري إلى توجيه الإشارة إلى أحد أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج ليركن سيارته يمينا من أجل الخضوع لإجراءات التفتيش وهو الأمر الذي استجاب له المهاجر المغربي في عقده السادس والمقيم بالديار الألمانية، إذ ترجل من سيارته وراح يساعد الجمركي في تأدية مهامه مع محاولة منحه ورقة نقدية أوربية وهو الأمر الذي حاول الجمركي في البداية تفاديه، قبل أن يضعها في جيبه بعد التأكد من خلو المكان من أي مسؤول يراقبه. الحالة المذكورة التي وقفت عليها»الصباح» بالنقطة الحدودية ل»باب مليلية» ليست شيئا استثنائيا، فقد كانت الرشاوي «تؤدى» أمام الملأ ولا احد يحرك ساكنا، إلا أن الغضبة الملكية على عناصر القوة العمومية بالنقطة الحدودية جعلت الأمور تنقلب رأسا على عقب، وهو الأمر الذي اندهش له المهاجر المغربي، إذ أكد في حديثه إلى»الصباح»، أن طريقة تعامل العناصر الأمنية والجمركية بالمعبر الحدودي تغيرت كثيرا وان هناك تسهيلات في الإجراءات الإدارية الخاصة بالدخول إلى التراب الوطني. طابور طويل يضم الرجال والنساء ينتظرون دورهم للولوج إلى مليلية لحضور مهرجان الألعاب بعد مرورهم من المراقبة الأمنية من طرف الشرطة المغربية. وفي الوقت الذي يبدو فيه كل شيء عاديا بالنقطة الحدودية ل»باب مليلية» التي تعد من بين المعابر الحدودية الثلاثة التي يتوفر عليها إقليمالناظور إلى جانب كل من المحطة البحرية لبني أنصار ومطار العروي الدولي، فإن المتابعات القضائية التي حركت ضد عناصر الشرطة والجمارك، ما زالت تلقي بظلالها على عناصر القوة العمومية المشتغلة بالمعبر الحدودي وتؤثر على معنوياتهم، في حين يرى آخرون أن هذه المتابعات كانت يجب أن تتم منذ وقت بعيد أمام الانتهاكات التي كان يتعرض لها العابرون للمعبر الحدودي من غير أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ويعتبرها آخرون للاستهلاك فقط وأن الممارسات نفسها ستعود. الطابور يتحرك ببطء شديد، بسبب الإجراءات الأمنية المشددة من طرف عنصر الشرطة الاسبانية الذي يتفحص بدقة جوازات السفر المغربية. ينهر العديد من المغاربة فيما يقوم برفض ولوج العشرات منهم لمزاجه، وأحاديث هامشية وحكايات يتناقلها العابرون إلى مليلية تسرد الكثير من الأحداث التي يعيش على إيقاعها معبرها الحدودي، والمشاكل التي يعانونها من طرف الشرطة الإسبانية والمغربية. مع طي سيارة الأجرة للمسافة الفاصلة بين بني أنصار والناظور التي تنشط بها عملية تهريب السلع الاسبانية من مدينة مليلية المحتلة على متن الدراجات النارية والسيارات المجنونة أو «المقاتلات»، كان الحديث الدائر بالطاكسي لا يختلف عن نقاشات باقي أبناء الناظور أثناء اجتماعهم بمقاهي المدينة لاحتساء كؤوس الشاي المنعنع، وهو الحديث المتعلق بالمتابعات القضائية في حق عناصر الشرطة والجمارك. وأكد سائق الطاكسي سيد النقاش بدون منازع بأن هذا القضية انتعشت معها تجارة التهريب من مليلية المحتلة بشكل كبير، نتيجة الارتباك الذي يعيش عليه رجال الشرطة والجمارك بالنقطة الحدودية ل»باب مليلية» مخافة حشرهم في الملف في حالة دخول ممتهني التهريب المعيشي في احتجاجات أو كشفهم للمستور لما يقع بالمعبر الحدود والإتاوات التي يقدمونها من أجل تمرير سلعهم. «الدعوة مزيانة هاد الأيام» يقول أحد الشباب العاملين بالتهريب، في حين يرى أحد ركاب الطاكسي أن هذا الوضع «لن يدوم طويلا وأن الأمور ستعود إلى سابق عهدها. عز الدين لمريني