بعد 17 عاما من المفاوضات الصعبة، وقعت دول الاتحاد الإفريقي، خرجت شهر مارس من عام 2018 الماضي اتفاقية التبادل الحر الإفريقية إلى الوجود، وذلك خلال قمة كيغالي الاستثنائية العاشرة للاتحاد الإفريقي حول المنطقة الإفريقية القارية للتبادل الحر. لكن هذا المشروع الطموح يواجه عقبات وتحديات عديدة. محمد حميدوش، الممثل السابق لبنك إفريقيا للتنممية بغرب إفريقيا قال في تصريح خاص لموقع القناة الثانية على هامش مشاركته بمنتدى ميدايز بطنجة إن "السوق الحر الجديد سوف يتم تفعيله في شهر يوليوز من السنة المقبل، بعد أن تعذر ذلك هذه السنة، بسبب تأخر برلمانات عدد من الدول الإفريقية في المصادقة على هذه اتفاقية التبادل التجاري الحر."، "اليوم صادقت برلمانات 28 دولة عضو بالإتحاد الإفريقي على هذه الاتفاقية، فيما يبلغ عدد الدول الموقعة على الاتفاقية 54 دولة،" يضيف نفس المتحدث. وأطلق الاتحاد الإفريقي خلال قمته الأخيرة في نيامي "المرحلة العملية" من منطقة التبادل التجاري الحر القارية، بعدما حصل هذا المشروع الهام لتحرير اقتصاد إفريقيا على دعم نيجيريا، أكبر قوة اقتصادية في القارة. غير أن المراقبين يلفتون إلى أنه بالرغم من إطلاق المشروع الطموح، لا تزال مفاوضات شاقة ومطولة تجري في الكواليس لتنفيذ الخطة التي قد تشمل 55 دولة و1,2 مليار نسمة، وإجمالي ناتج محلي يزيد عن 2,5 تريليون دولار. وتهدف منطقة التبادل التجاري الحر إلى تشجيع التجارة بين دول القارة وجذب المستثمرين والسماح للدول الإفريقية بالخروج من ارتهانها لاستخراج المواد الأولية. ويتوقع الاتحاد الإفريقي أن يؤدي المشروع إلى زيادة الحركة التجارية بين بلدانها بنسبة تصل إلى حوالى 60 بالمائة بحلول عام 2022، في حين يشير معارضو المشروع إلى عدم تكامل الاقتصادات الإفريقية ويخشون أن يتضرر بعض صغار المنتجين الزراعيين والصناعيين جراء تدفق بضائع مستوردة متدنية الأسعار. وتتم حاليا 16بالمائة فقط من تجارة الدول الإفريقية فيما بينها، وذلك بشكل أساسي داخل تكتلات اقتصادية على غرار "مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية والمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (سيدياو) ومجموعة شرق إفريقيا. على سبيل المقارنة، فإن 65 بالمائة من الحركة التجارية للدول الأوروبية تتم داخل الاتحاد. وبالرغم من توقيع 54 دولة على اتفاق إنشاء المنطقة منذ طرح المشروع في يوليوز 2018، إلا أنه لم يكن من الممكن بدء تنفيذه قبل أن تصادق على الأقل 22 دولة عليه. وتم تخطي هذا العدد مع بلوغ عدد الدول الموقعة 25، من بينها العديد من الدول الكبرى مثل جنوب إفريقيا ومصر وكينيا وإثيوبيا. غير أن المشروع كان يعاني حتى وقت قريب من غياب نيجيريا البالغ عدد سكانها 190 مليون نسمة. وشجعت نيجيريا التي يقوم اقتصادها بشكل أساسي على صادراتها النفطية، المحادثات الأولية حول المشروع عند بداية الألفية. لكن النهج الحمائي طغى على الانفتاح، ولا سيما مع الانكماش الكبير الذي عانت منه في عامي 2016 و2017. ويخشى منتقدو المشروع في نيجيريا أن تتضرر الصناعات المحلية التي تعاني من تكاليف بنيوية مرتفعة جدا (نقص البنى التحتية وانقطاع الكهرباء وأسعار الإيجارات وغيرها....) نتيجة حركة استيراد كثيفة. وسيكون بإمكان الدول الأعضاء حماية بعض القطاعات من تخفيض سريع للرسوم الجمركية. ويكمن الهدف في المرحلة الأولى في إلغاء الرسوم الجمركية عن 90 بالمائة من البضائع، فيما يتم إلغاء الرسوم عن 7 بالمائة من البضائع المتبقية في مرحلة أطول يعود لكل دولة أن تحددها. أما نسبة 3 بالمائة المتبقية من البضائع، فلا ترفع عنها الرسوم. وقالت هارتزنبرغ "يمكننا أن نتصور أن تحاول دولة مثل جنوب إفريقيا حماية قطاعات مثل النسيج والسيارات، وهما قطاعان شديدا الأهمية لاقتصادها". وستكون المنطقة التجاريّة جاهزة للعمل بدءا من الأوّل من يوليوز 2020، ما يُتيح للدول الأعضاء التكيّف مع التغييرات التي ستطرأ. ويقدر الاتحاد الإفريقي أن الاتفاق سيعزز التجارة البينية في القارة بنسبة 60 بالمائة بحلول عام 2022. وفي الوقت الحالي، فإن التجارة البينية بين الدول الإفريقية تبلغ 16 بالمائة مقارنة ب65 بالمائة مع الدول الأوروبية.