أكدت وزارة الخارجية الجنوب إفريقية الأنباء التي تم من طرف وسائل الإعلام المغربية نقلا عن مصادر دبلوماسية مغربية بشأن قبول السلطات الجنوب إفريقية أخيرا باعتماد الدبلوماسي المغربي يوسف العمراني، الذي كان قد عينه جلالة الملك محمد السادس سفيرا فوق العادة ببريتوريا يوم 20 غشت الماضي. وقال نديفوو مبايا، المتحدث باسم وزيرة الخارجية الجنوب إفريقية في تصريح نقلته صحيفة دايلي مافريك الجنوب إفريقية، إن "وزارة الخارجية الجنوب إفريقيا قامت بتوجيه رسالة إلى الحكومة المغربية تُخبرها فيها بقرار قبول اعتماد الوزير المنتدب السابق لدى وزارة الخارجية يوسف العمراني، سفيرا للمغرب ببريتوريا." وقالت الصحيفة إن تعيين جلالة الملك ليوسف العمراني، الذي سبق أن تقلد عددا من المناصب الدبلوماسية ضمنها وزير منتدب في وزارة الخارجية سنة 2012، كسفير للمغرب ببريتوريا كانت إشارة قوية على أن المغرب يريد تحسين علاقاته الدبلوماسية مع جنوب إفريقيا. وأضافت الصحيفة أن الحكومة الجنوب إفريقية أنتظرت 7 أشهر قبل الرد على طلب الحكومة المغربية باعتماد يوسف العمراني سفيرا ببريتوريا. وأرجعت هذا الإنتظار إلى وجهات النظر المتضاربة بخصوص القرار داخل الحكومة الجنوب إفريقية. وفي هذا الصدد قالت وزيرة الخارجية الجنوب إفريقية، لينديوي سيسيولو في تصريح مقتضب لصحيفة ديلي مافريك الجنوب إفريقية، إن "القرار تطلب الكثير من الوقت، لأن الحكومة الجنوب إفريقية اتخذته على محمل الجد." وأصرت رئيسة الدبلوماسية الجنوب إفريقية على أن" حكومتها لا تريد أن يؤثر هذا القرار على مواقفها الإديولوجية، " في إشارة إلى موقف جنوب إفريقيا من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وأشارت الصحيفة إلى أن وزيرة الخارجية الجنوب إفريقية تشدد على أهمية النهج البرغماتي القائم على الشراكة رابح رابح مع المغرب، مشيرة إلى أن أي تغير في مواقف جنوب إفريقيا من قضية الصحراء لن يظهر إلا بعد انتخابات 8 ماي المقبلة في جنوب إفريقيا. وفي نفس الصدد، قال الخبير في العلاقات الدولية موساوي العجلاوي في تصريح لموقع القناة الثانية إنه لا ينبغي وضع انتظارات من مواقف حنوب إفريقيا على المدى القريب، خصوصا وأنها تعد ثاني أكبر داعم لجبهة البوليساريو بعد الجزائر. " يجب أن نفهم أن المغرب لم يعد يطرح هذا المشكل، وبدأ يستأنف علاقاته مع دول مثل تانزانيا وإثيوبيا وزامبيا، بالرغم من مواقف هذه الدول المعادية للوحدة الترابية، وذلك فقط من أجل أن يكون هناك حضور قوي وإسماع الصوت المغربي. قد يكون هناك تحول في مواقف هذه الدول، ولكن ليس الآن،" يضيف نفس المتحدث. وتعتبر جنوب إفريقيا، بعد الجزائر، أهم مؤيد لجبهة البوليساريو داخل القارة الإفريقية، وسبق للمغرب في السنوات الأخيرة أن أحدث اختراقات غير مسبوقة في جبهة الدول الداعمة للجبهة، وضمنها نيجيريا ورواندا وإثيوبيا، بيد أن وصول حملته الدبلوماسية الجريئة الآن إلى بريتوريا قد يحقق به أكبر اختراق على الإطلاق في هذا الاتجاه باعتبارها طالما كانت تعد أقوى الدول المؤيدة لجبهة بوليساريو بعد الجزائر. ويمكن رصد هذا الاختراق المغربي في مئات الاتفاقيات الموقعة مع دول إفريقية ومن أبرزها اتفاقية لإقامة مشروع أنبوب غاز إستراتيجي يربط نيجيريا في غرب إفريقيا بالمغرب على أبواب أوروبا، واتفاقية شراكة ضخمة مع إثيوبيا في مجال مشتقات الفوسفات، ناهيك عن عشرات الاتفاقيات والمشاريع في مجالات الطاقة والاتصالات والمصارف مع دول الساحل الغربي لإفريقيا وهي الحليف التقليدي للمغرب، كما يسعى المغرب الآن إلى الانضمام إلى مجموعة دول غرب إفريقيا. وأرجع العجلاوي هذا التقارب بين المغرب وجنوب إفريقيا إلى التغير الإستراتيجي في العلاقات بين دول الاتحاد الإفريقي، مؤكدا أن السلطات في جنوب إفريقيا لم يعد لها إمكانية تجاهل المغرب بعدما عاد لمنظمة الاتحاد الافريقي وبعد أن أصبح ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا، الأمر الذي يمثل إغراءً لرجال الأعمال في تلك البلاد في العديد من القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، ضمنها المالية والتأمين والنقل الجوي والتكنولوجيا الجديدة للإعلام. ويرجع توتر العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا إلى سنة 2004، عقب اعتراف الأخيرة بجبهة البوليساريو، مما أدى إلى سحب المغرب سفيره من بريتوريا احتجاجًا على ذلك، ليدخل البلدين في فترة قطيعة دامت أكثر من 13 سنة، قبل أن يقرر البلدين استئناف العلاقات الدبلوماسية خلال اللقاء التاريخي الذي جمع جلالة الملك محمد السادس مع الرئيس الجنوب إفريقي السابق جاكوب زوما في العاصمة الإفوارية أبيدجان في نونبر 2017.