يوم مارثوني، هكذا تصف فاطمة عباش كيف تمضي وقتها مع اقتراب جوائز ديوان أواردز 2018 – جائزة التميز للكفاءات المغربية المقيمة ببلجيكا، والذي يعد الموعد الأبرز بالنسبة إليها خلال السنة. فقبل بضعة أسابيع على تسليم الجوائز على " نجوم " البلجيكيين من أصل مغربي من مختلف الآفاق، توجد فاطمة، التي تشرف على تنظيم هذا الحدث منذ 2012 ، قصارى جهدها من أجل استقبال ضيوفها الذين يشكلون مصدر فخر بالنسبة للمغرب، وهو ما جعل فريقها لا يتردد في توفير الإمكانيات اللازمة ليكون في الموعد. وسيقام الحفل السنوي بقصر المعارض بهيزل قرب الآطونيوم المجسم الذي تشتهر به العاصمة البلجيكية. وتهدف جوائز ديوان آواردز إلى الاحتفاء بالكفاءات، والمسارات والمبادرات المتميزة للبلجيكيين من أصل مغربي. وككل سنة، يتنافس على هذه الجوائز 36 إسما موزعين على اثني عشر فئة وهي الهندسة، والمرأة، والرياضة، والجمعيات، والمقاولات الناشئة، والطب والصحة، والهندسة وتقنيات المعلومات، والفنون والآداب، والتعليم، والمحاماة والقانون، والتدبير، بالإضافة إلى جائزة لجنة التحكيم، والتي تمنح لشخصية أو هيئة ساهمت بمبادراتها في بروز البلجيكيين من أصل مغربي. ومع اقتراب موعد الحفل، يزداد الضغط على فاطمة، غير أنها تحافظ على ابتسامتها في عملها وفي تحديد المواعيد مع المحتضنين، والتقنيين، ومقدمي الخدمات. إنه عمل شاق تنخرط فيه بشكل تطوعي هذه البلجيكية من أصل مغربي المفعمة بالنشاط، دون أن يكون ذلك على حساب وظيفتها الرئيسية حيث تعمل كمكلفة بالتواصل في مؤسسة الملك بودوان الشهيرة. ففي هذه المؤسسة، التي توجد على مقربة من القصر الملكي، تبدأ فاطمة يومها. وقد شكل إتقانها لأربع لغات على الأقل، الهولندية، والفرنسية، والإنجليزية والألمانية (بالإضافة على الدارجة) عاملا أساسيا في مسارها المهني المتميز داخل هذه المؤسسة البلجيكية حيث تحظى بتقدير كبير بفضل شخصيتها وكفاءاتها. وبدأت فاطمة، التي تبلغ من العمر أربعين سنة، مسارها المهني بهذه المؤسسة بعدما أنهت دراساتها العليا الموجهة نحو اللغات (الترجمة)، وظلت فيها إلى اليوم، حيث أن توجهها نحو العلوم الإنسانية جعلها تجد ضالتها في المواضيع المجتمعية والشاملة والتي تهتم بها هذه المؤسسة سواء في بلجيكا أو الخارج. وأوضحت فاطمة التي أوكل إليها تدبير مصلحة الإصدارات بالمؤسسة وكذا القطب المكلف بالتواصل وهي لا تزال في بداياتها، لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن " المؤسسة تشتغل على مشاريع مهمة بالنسبة لي تتعلق بالإقصاء الاجتماعي، والعدالة الاجتماعية ... ". ولم تمنع التزاماتها المهنية من تطوير منذ 2011 مبادرات حول تثمين مسارات كفاءات من مجموعات متنوعة وخاصة البلجيكيين من أصل مغربي بجمعية (ديفرس – سيتي) التي أسستها رفقة زوجها سعيد المليجي المنخرط بقوة في هذه المشاريع. ويمكن لهذه الجمعية أن تفخر بتوفرها على مجموعة من " الابتكارات المجتمعية " التي تمكنت " من أن تجد لها " جمهورا طبيعيا ودعم مؤسسات طالما تستجيب للتطلعات في مجال الاعتراف وتثمين الكفاءات من أبناء الجالية المغربية بالخارج " كما هو الشأن بالنسبة لمجلة (أيوا) وأيضا ديوان أواردز جائزة التميز الخاصة بالكفاءات المغربية بالخارج، واللذان يشتغلان اليوم في كل من بلجيكا وألمانيا وهولاندا وفرنسا. فبعدما ستطفئ ديوان سنتها السادسة، تبدو فاطمة فخورة بالمصداقية التي أصبحت تحظى بها هذه الجائزة، خاصة على مستوى تحقيق الأهداف التي تم تحديدها مسبقا، والمتمثلة بالأساس في " تثمين صورة البلجيكيين من أصل مغربي وبالتالي صورة المغرب ". وأوضحت فاطمة أنه من " المهم أن نبين للأجيال الصاعدة، وخاصة خلال هذه المرحلة التي فقد فيها الشباب بوصلة التوجيه، نماذج يمكن لهؤلاء أن يجدوا أنفسهم فيها : مقاولون، أطباء، رياضيون، ... ومسارات أخرى يمكن أن تجد فيها الكفاءات البلجيكية – المغربية مصدر إلهام ". كما تروم مبادرة ديوان أيضا، في نظر فاطمة، إرسال " إشارة إيجابية " إلى المواطن البلجيكي العادي، الذي يتأثر بوسائل الإعلام التي لا تتناول الأمور دائما من زاوية إيجابية "، مذكرة بأن " البلجيكيين من أصل مغربي يساهمون، كل من موقعه، في بناء بلجيكا الحاضر والمستقبل ". الهدف الثالث، والذي لا يقل أهمية، هو قدرة هذا الحدث على نسج روابط بين نخبة من شباب الجالية المغربية وبلدهم الأصلي، المغرب. وبالنسبة لحفل تسليم الجوائز، تعول منظمة ديوان عن حضور، ككل سنة، ما لا يقل عن ألف ضيف من بينهم وزراء، ومسؤولين بلجيكيين سامين وجمهور متنوع، يمثلون شبابا يبحثون عن مصدر إلهام، سواء كانوا من أصل مغربي أم لا. وتبدو فاطمة، التي تعد نموذجا لنجاح نخبة تنحدر من تنوع ساكنة بلجيكا، فخورة بثقافتها المزدوجة المغربية البلجيكية التي تعتبرها ك" مصدر إغناء "، وهو ما تحرص على نقله اليوم لأبنائها الثلاثة المندمجين بشكل جيد في المجتمع البلجيكي، ويحبون في نفس الوقت المغرب. وتشعر فاطمة بسعادة كبيرة عندما تعود مساء إلى البيت لتجد أطفالها بعد يوم شاق. وقالت " ليس من السهل دائما أن تكوني أما والعمل خارج البيت في نفس الوقت. لكن هذا الأمر يبقى ممكنا ! " مضيفة أنها تعمل على إشراك أطفالها في ما تقوم به من خلال تلقينهم " الرغبة في أن يصبحوا فاعلين في التغيير ".