كلما حل شهر رمضان الأبرك بالمغرب، إلا وكثُر تداول مصطلح الترمضين، الذي كان مجرد مصطلح يُتداول للتعبير عن حالة غضب بعض الصائمين خلال شهر رمضان، ليصبح اليوم ظاهرة موسمية تنتشر في الشوارع المغربية. ويقصد ب "الترمضين" الإنفعالات العصبية التي تظهر على بعض الصائمين خلال شهر رمضان، لأسباب مختلفة منها صحية ومرضية، ويكثر الحديث عنها بمجرد اقتراب فترة الصيام. ويرى البعض أن الصيام يصبح بالنسبة لبعض الأشخاص يسبب الشعور بالتوتر والاضطرابات، بدلاً من تقريب الصائم إلى العبادة الروحانية. هذه الاضطرابات تدفع -أو يتعلل بها- العديد من الصائمين لارتكاب تصرفات انحرافية عنيفة كتبادل السب والشتائم والعراك في الشوارع والفضاءات العمومية، تزيد حدة عدوانية هذه التصرفات ويتحول الأمر إلى الاعتداء الجسدي وقد يصل الأمر إلى درجة القتل في أحايين قصوى. كوثر قادري، أخصائية علم النفس، تعزي حالة "الترمضين" إلى التحولات النفسية والهرمونية ثم الجسدية التي يشعر بها بعض الصائمين نتيجة انقطاعهم عن إدمان السجائر والقهوة، بالإضافة إلى التحول في نمط الحياة وتعلق الأمر بعادات الأكل وعدد ساعات النوم. وانتقدت قادري في حديث مع موقع القناة الثانية، إلصاق هذه السلوكات غير المبررة مجتمعيا بصيام رمضان، مضيفة، أن هناك حقا نقصا في بعض الهرمونات إلى جانب عوامل فزيولوجية أخرى تساعد في الانفعال النفسي، وهذا ما يقع خلال شهر رمضان حيث يجد هؤلاء الأشخاص صعوبة في حسن تدبير هذه التقلبات النفسية. وشددت الأخصائية النفسية، على أن الصيام يمكن أن يلحق أعراض نقص في التركيز وليس في المبالغة في الانفعال والغضب بحجة الصيام، وأردفت ذات المتحدثة، أن عدد ساعات النوم والافراط في الأكل تنعكس على سلوكات الأفراد طيلة اليوم، حيث تظهر اضطرابات معرفية متمثلة في النسيان وقلة الانتباه. وحسمت ذات المتحدثة، أنه لا يمكن تبرير السلوكات العدوانية أخلاقيا ودينيا وقانونيا بشهر الصيام. من جهته، أكد علي الشعباني، أستاذ باحث في علم الاجتماع، أن هذه انفعالات العشوائية التي نلاحظها في خلال أيام رمضان لا علاقة لها بالصيام، مضيفا في تصريح لموقع القناة الثانية، أن الصيام هو من حيث العقيدة هو واجب بين الفرد وخالقه ولا أحد يلزم الآخر على الصيام. ويرى الشعباني، أن هناك فئتين في المجتمع المغربي، الفئة الأولى تعتبر أن صيامها لشهر رمضان هو تأدية لفرض من الفرائض الخمسة للإسلام، إيمانا واحتسابا، ويكون مبتغاها هو الحصول على الأجر والثواب كما أن هذه الفئة لا يصدر منها أي شيء مخالف للآداب والأخلاق العامة. في حين الفئة الأخرى، ويواصل الباحث في علم الاجتماع، ليست متشبعة بهذه المبادئ وتحس بأنها مرغمة على الصيام، لذلك تشرع في اختلاق الأسباب والذرائع وراء التمردات والانحرافات السلوكية تجاه المجتمع بمبرر رمضان، وأن الصيام هو الذي أثر عليه. واعتبر ذات المتحدث، أن السلوكات العدوانية التي تصدر من بعض الأشخاص فهم يؤكدون ضعف إيمانهم، مردفا في الوقت ذاته، أن مرتكب هذه الأفعال المخلة بالأخلاق الجليلة ليست لهم قناعة أنهم فعلا يطبقون ركنا من أركان الإسلام. وشدد الشعباني، على أن هذه الظاهرة الاجتماعية "الترمضينة" هي بعيدة كل البعد عن شهر رمضان، مفسرا، أن "الذين يقومون بهذه المظاهر السيئة، فهم يعانون اختلالات أخرى وعقد نفسية مرضية بعيدة عن ما يدعونه، وبالتالي فإنهم يحسون أنهم مكرهون قانونيا واجتماعيا" يورد الشعباني.