في الشهر الكريم من كل سنة، تظهر تصرفات توصف بال"عدائية"، تتخلل الأجواء الرمضانية وتفسد أحيانا جو الأخوة والرحمة، وتقطع مع الأخلاق الحميدة التي من المفروض أن تسود خلال شهر الصيام، وهو ما يعرف في صفوف المغاربة ب"الترمضينة"، في إشارة إلى الحالة النفسية التي تحكم سلوك الأفراد وتدفع بهم إلى العدائية. وتطفو هذه الظاهرة على السطح في كثير من المواقف، فمع أي نزاع بسيط تسمع عبارات تحيل على العدائية، يتقاذفها طرفا النزاع فيما بينهم، وقد يتحول الأمر في كثير من الأحيان من مجرد تقاذف كلمات إلى تبادل اللكمات، وهو الشيء الذي لا يمت بأي صلة إلى شهر الصيام، ويبرز بشكل أوضح مع مستعملي الطريق، خاصة الراكبين منهم. يرى علي الشعباني، أستاذ علم الاجتماع، أن "الترمضينة" ظاهرة مفتعلة، نظرا لأن مجموعة من "المجرمين والمنحرفين يتذرعون بالصيام من أجل تبرير السلوك الذي يقومون به خلال نهار يوم صيام"، وهو السلوك "الذي لا يمت للأخلاق الإسلامية بأية صلة، كما أنه يتنافى مع الأخلاق العامة" على حد تعبيره. وأكد المتحدث، في اتصال هاتفي مع هسبريس، أنه يمكن تحليل الظاهرة من زاويتين؛ "الأولى متعلقة بالفرد المسلم الذي يصوم إيمانا واحتسابا، والذي يلتزم بالسلوكيات الأخلاقية التي دعا إليها هذا الدين، متحملا كل ما يأتي مع الصيام من جوع وعطش لأنه يؤمن بأن الأمر فرضته العقيدة"، والثانية ترتبط بوجود "أشخاص يتذرعون بكون الصيام يتسبب لهم في مشاكل ويرتكبون جرائم، مع وجود بعض الحالات الاستثنائية المرتبطة بالإدمان؛ حيث يؤدي عدم استهلاك المادة المدمن عليها إلى حالة نفسية عدائية". في السياق ذاته، شدد الشعباني على أنه لا يجب أخذ هذه الظاهرة على محمل الجد، لأنها تدخل في إطار مدى "احترام الفرد لعقيدته، والذي يعني العمل بكل أخلاقيات هذا الدين"، فالصيام أمر اختياري لذلك "فمن يصوم عليه أن يلتزم بكل ما دعا إليه الدين من سلوك يهم شهر رمضان"، على حد تعبيره. من وجهة نظر سيكولوجية، قالت خلود السباعي، أستاذة علم النفس الاجتماعي، إنه "لا يمكن الحديث عن انفعالات دون استخدام للعقل، فالإنسان يدرك ما يفعل وهو قادر على التحكم في تصرفاته"، مشددة على كون الانفعالات المبالغ فيها "لا تقبل أي تفسير من الناحية العلمية كما الدينية"، فهي فقط تبريرات تطال سلوكا وتصرفات لا أخلاقية "أصبحت شائعة إلى درجة أنها أضحت تبرر، وكسبت نوعا من الشرعية، وأعطينا لها مصطلحا (الترمضينة) في الوقت الذي لا يوجد فيه أي أساس لهذه الظاهرة"، داعية إلى عدم تكرار هذا المصطلح، لأن هذه العملية تؤدي إلى "أجرأته". *صحافي متدرب