في ظل المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المعين، عزيز أخنوش، مع الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، برز إلى دائرة النقاش السياسي اليوم في المغرب سؤال الأحزاب التي ستصطف في المعارضة. ويتوقع المراقبون، أنه إذا نجح سيناريو تشكيل الحكومة بالأحزاب الأربعة الأولى التي فازت في تشريعيات 8 شتنبر الجاري، فسيكون البرلمان وخصوصا مجلس النواب بدون معارضة قوية كما نص على ذلك الدستور. في هذا الحوار مع موقع القناة الثانية، يستعرض عثمان الزياني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الأول بوجدة، أهمية المعارضة في خلق توازن بين المؤسسات السياسية خصوصا بين الحكومة والبرلمان
المعارضة تقوم بدور أساسي في ميدان التشريع ومراقبة الأداء الحكومي. فكيف استطاع الدستور المغربي لسنة 2011 أن يعلي من شأنها؟ بالنظر الى دستور 2011 نجده قد منح المعارضة البرلمانية مكانة دستورية جد متقدمة مقارنة بالدساتير السابقة، واختار منحها مكانة بارزة في الهيكل المؤسسي وتكريسها على اعتبارها ضرورة دستورية وديمقراطية وعلى أنها "معارضة مضادة" في حالة تغول الأغلبية عبر تمتيعها بمجموعة من الحقوق، وذلك من خلال تمكينها بمجموعة من الحقوق تشمل مجالات مختلفة وذلك وفق ماهو منصوص عليه في الفصل 10. كما أن الفصل 60 من الدستور يعتبر المعارضة البرلمانية كمكون أساسي لا محيد عنها في ممارسة العمل البرلماني سواء على المستوى التشريعي والرقابي، وعليه من خلال الدستور يمكن التأكيد على أنه منحها حقوقًا محددة "قادرة على تمكينها من أداء مهامها بشكل صحيح. سواء فيما يتعلق بالعمل البرلماني بشكل خاص والحياة السياسية بصفة عامة".
إذا ما بقيت المعارضة ضعيفة، وهو ما تتجه إليه سيناريوهات المراقبين بشأن تشكيل الحكومة الجديدة؛ كيف سيُخِلّ ذلك بالتوازن السياسي بين المؤسسات؟ أظن أن الرهان على تفعيل دور البرلمان يمر عبر تقوية دور المعارضة وإحداث نوع من التوازن المطلوب بين المؤسسات السياسية خصوصا بين الحكومة والبرلمان، وبالمقابل فإن أي عملية تفريغية للمؤسسة البرلمانية من معارضة حقيقية وفعالة لن يزيد إلا من متاعب البرلمان ويقزم دوره أكثر فأكثر في ظل هيمنة الحكومة وأغلبيتها، وعليه في تشكيل التحالفات الحكومية يجب إعارة الاهتمام الكافي لهذه المسألة والحرص الكبير على تمكين البرلمان من معارضة حقيقية وفعلية، طبعا من خلال مراعاة الجانب الكمي والنوعي في تشكيلها والاستثمار في اتجاه مأسستها وهيكلتها بالشكل الذي يمكن أن تصبح فيه شريكا فعليا للأغلبية في وظائف الرقابة والتشريع ولا تقتصر فقط على دور هامشي.
بغياب معارضة قوية؛ خصوصا مع ضعف تمثيلية حزب العدالة والتنمية الذي قاد ولايتين حكوميتين داخل مجلس النواب، هل يمكن أان ينتج عن ذلك أزمة النجاعة والفعالية في المؤسسة التشريعية؟ وكيف سيتمظهر ذلك؟ بالفعل من الناحية العددية يجب أن يكون هناك إما حزب الاستقلال أو حزب الأصالة والمعاصرة في المعارضة والجمع بين الاثنين في الحكومة قد يخلق فراغا مهولا على مستوى المعارضة البرلمانية، في ظل ضعف تمثيلية حزب العدالة والتنمية، وباقي الأحزاب الاخرى، وذلك سعيا وراء إحقاق نوع من التوازن العددي والنوعي بين الأغلبية والمعارضة، ومن أجل خلق نوع من الدينامية التشريعية والرقابية في العمل البرلماني والهدف طبعا هو خلق نوع من التداولية الرشيدة التي تعزز مسلك تجويد النصوص التشريعية، وأيضا حوكمة الرقابة البرلمانية.