بعد غياب دام لشهرين، ظهر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مخاطبا الجزائريين عبر فيديو نشره على منصة تويتر الأحد، حيث أكد أنه بدأ مرحلة التعافي من فيروس كورونا، والتي قد تأخذ بين أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع حسب تعبيره. غياب الرئيس عن البلاد، أثار شكوكا حول عودة الجزائر إلى ما كانت عليه في نهاية عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وأن يمارس تبون مهامه عبر بيانات الرئاسة. تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع ومضامين فيديو الرئيس الجزائري نتعرف عليها في الحوار التالي ضمن فقرة "3 أسئلة" مع المحلل السياسي عبد الفتاح الفاتحي:
بعد غياب طويل بسبب خضوعه للعلاج من فيروس كورونا بألمانيا، عبد المجيد تبون يتواصل من جديد مع الجزائريين، ما هي قراءتكم لتوقيت هذه الخرجة التواصلية؟ غياب الرئيس عبد المجيد تبون يثير كثيرا من التساؤلات لدى الشارع الجزائري ولدى الرأي العام الدولي حول المستقبل السياسي للبلاد، لا سيما بعد تناقض بيانات رسمية حول مسألة تعافيه من فيروس كورونا. وازدادت حدة التأويلات المحيطة بغياب عبد المجيد تبون، كون فترة حكمه لم تخرج عن الكثير من التناقضات السياسية والعسكرية حول مستقبل الجزائر، بالتالي من الطبيعي أن يطالب الشارع الجزائري بتقديم توضيح له بدل استمرار حالة الغموض والترقب والحيرة. وحيث إن هذا الوضع أصبح لا يطاق سارعت الرئاسة الجزائرية بفيديو سيزيد من حدة الشك والريبة حول حقيقة ما يجري ويدور في كواليس السياسة الجزائرية الرسمية. كما أن إخراج هذا الفيديو وتوقيته وترتيب مضامينه زادت من حجم التأويلات والتكهنات بخصوصه شكلا ومضمونا، وعرَّضته لسيل من التعليقات الحارقة. الأمر الذي سيكرس حالة من الاحتقان في الشارع الجزائري، والذي ربما ينتظر انتهاء إجراءات جائحة كوفيد ليواصل حراكه السياسي من جديد للمطالبة بإصلاحات سياسية جوهرية.
هل أجاب الفيديو على انتظارات الجزائريين؟ وما هي أبرز الرسائل التي تضمنها؟ مضمون فيديو الرئيس الجزائري شابه الكثير من الإبهام إذ لم يجب على انتظارات وتساؤلات الشارع الجزائري. لم يخرج الفيديو عن خطاب المؤامرة، حين تحدث عما أسماه باستهداف للجزائر، وهي رسالة غايتها استغلال عاطفة الجزائريين للتغطية عن مشاكل تدبيرية وتنظيمية. ولقد دأب النظام الجزائري على هذا النوع من المسكنات لتوجيه الرأي العام الوطني نحو عدو افتراضي يصور على أنه موجود حاليا على الحدود الجزائرية ويستهدفهم داخليا. سيما أن خطابه لم يخلو من لمز إلى المملكة المغربية عقب الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على كامل صحرائه. ولا أعتقد أن هذا الخطاب سيلقى قبولا هذه المرة، لأن الشارع الجزائري بات مقتنعا بأنه في حاجة إلى تنظيم بيته الداخلي قبل الدخول في صراعات إقليمية ودولية.
الفيديو أثار شكوكا حول عودة الجزائر إلى ما كانت عليه في نهاية عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعودة الحكم عبر بيانات الرئاسة؟ الفيديو يفيد بتعافي الرئيس من مرض فيروس كورونا، إلا أن هناك بيانات أخرى أكدت تماثله للشفاء، كما أن تأكيده على أن مرحلة التعافي قد تأخذ أسابيع أخرى وعدم تحديده موعد العودة إلى أرض الوطن يزيد من الشكوك حول قدرته على إدارة البلاد سياسيا من فراش المرض طيلة كل هذه المدة. أعتقد بأن الوضع الحالي على مستوى الرئاسة الجزائرية سيعيد إلى الأذهان فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وسيطرح تساؤلات حول استقلالية القرار السياسي الجزائري. وأن من شأن ذلك أن يهيج الصراع حول الهيمنة على القرار السياسي في ظل رئيس عاجز بسبب المرض. وحتى وإن حاول فيديو تبون إظهار متابعته للمستجدات الداخلية والإقليمية، فإن في ذلك حجية ضعيفة بالنظر إلى حالة الإعياء والإرهاق البادية عليه من أنه لن يكون بمقدوره القيادة الفعلية للجزائر. وأن ما يجرى اليوم يعد خارج عن إرادة الرئيس.