جاء الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 21 لعيد العرش بجملة من الإجراءات الاستثنائية لتجاوز التداعيات السلبية لأزمة فيروس كورونا على الاقتصاد الوطني، حيث سيتم رصد خمسة ملايير درهم لصندوق الضمان المركزي، كما تم توجيه الحكومة إلى تسريع تنزيل التوجيهات الملكية بخصوص دعم صمود القطاعات المتضررة، والحفاظ على مناصب الشغل، وعلى القدرة الشرائية للأسر. وتضمن الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش الدعوة الى إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي تمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها، والرفع من قدرتها على توفير مناصب الشغل، والحفاظ على مصادر الدخل، وتعبئة جميع الإمكانات المتوفرة من تمويلات وتحفيزات، وتدابير تضامنية لمواكبة المقاولات، خاصة الصغرى والمتوسطة، التي تشكل عماد النسيج الاقتصادي الوطني. وتتضمن هذه الخطة عدة إجراءات أهمها ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، أي ما يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وإحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص، في مختلف المجالات. موقع القناة الثانية حاور الاقتصادي والأكاديمي، الحسين فرواح، لفهم أوضح للتوجيهات الملكية وكيف ستعمل الحكومة على تنزيل هذا الورش المتسم بالاستعجال في شقيه الاقتصادي والاجتماعي. ماهو تعليقك على التشخيص الملكي للوضعية الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن تداعيات جائحة كورونا؟ يأتي الخطاب الملكي المخلد للذكرى 21 لتربع جلالة الملك على العرش و المتزامن هذه السنة مع عيد الأضحى المبارك و تفشي جائحة كوفيد-19، ليكون بمثابة فرصة سانحة لإعداد "خطة طريق" مستقبلية لمجموعة من الأوراش الاقتصادية والاجتماعية التي ستنكب الحكومة على تنزيلها إبتداء من السنة المقبلة من خلال مجموعة من الإجراءات العملية التي تؤطر السياسات الاقتصادية الظرفية و البنيوية للحكومة. ويستند الخطاب الملكي على ثلاثة دعائم أساسية مهمة تخص الشق الاقتصادي و الاجتماعي و التدبيري-الحكاماتي-الاستراتيجي. فعلى المستوى الاقتصادي، دعا جلالة الملك الحكومة إلى تجاوز الصدمة الاقتصادية للجائحة و التي أثرت سلبا على النمو الاقتصادي و النسيج المقاولاتي و الأسر المغربية من خلال ضخ ميزانية ضخمة في الاقتصاد الوطني تعادل 120 مليار درهم، ما يعادل 11 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وكذا تخصيص 5 ملايير درهم لصندوق الضمان المركزي لضمان و تمويل المقاولات المغربية، لخلق دينامية في سوق الشغل وإحداث مناصب إضافية وبناء اقتصاد قوي وتنافسي. وعلى المستوى الاجتماعي، يمكن القول إن خطاب العرش كانت له لمسة اجتماعية بامتياز من خلال دعم القدرة الشرائية لأزيد من 5.5 مليون أسرة و الدعوة إلى تعميم التغطية الصحية في أفق 2025 لتشمل المهن الحرة و المنتسبين للقطاع غير المهكيل و جميع المغاربة، وذلك من خلال تفعيل بنود القانون 78.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي و إحداث الوكالة الوطنية للسجلات، لتكون بذلك من بين الدروس المستفادة من زمن كورونا. وسيكون هذا الورش الكبير بمثابة قفزة نوعية في طريق بناء مغرب التنمية الاقتصادية المندمجة الممكنة. أما على المستوى التدبيري و الحكاماتي و الاستراتيجي، فجلالة الملك دعا إلى خلق وكالة وطنية من بين مهامها مواكبة المؤسسات العمومية وتدبير استراتيجي فعال و ناجع لمساهمات الدولة من أجل حكامة جيدة في الأداء و التخطيط للمستقبل، دون إغفال إحداث صندوق استثماري استراتيجي في إطار الشراكة مع القطاعين العام و الخاص فيما يعرف ب 3P، إضافة إلى الدعوة لإصلاح الإدارة والوظيفة العموميتين لتواكبا مرحلة ما بعد كورونا. هل هناك إمكانية تنزيل الحكومة للتوجيهات الملكية على المستوى المتوسط؟ يمكن القول إن الخطابات الملكية ستجد طريقها إلى التنفيذ من طرف الحكومة الحالية و المقبلة. و بخصوص ما جاء به الخطاب الملكي من إجراءات، يمكن القول إن بعضها مكلف كخطة إنعاش الاقتصاد و التغطية الاجتماعية وإدماج القطاع غير المنظم، و أخرى غير مكلفة كإحداث الوكالة الوطنية للحكامة و التدبير الاستراتيجي، و إرساء الشفافية و النزاهة و محاربة الفساد. وستعمل الحكومة في إطار الشراكة مع القطاع الخاص وطنيا و دوليا لتنزيل مضامين الخطاب الملكي من خلال التخلي في المرحلة الراهنة عن مجموعة من التوازنات الماكرو اقتصادية كعجز الميزانية في حدود 7.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام و نسبة الدين العمومي التي من المرتقب أن تتجاوز 92 في المئة من الثروة الوطنية. و هذا مقبول في الظرفية الاقتصادية الحالية وطنيا و دوليا. وفي نظري لابد للمرحلة المقبلة أن تدبر بمنطق الأولويات من خلال قانون مالية 2021 حتى يمكن إنعاش الإقتصاد الوطني المتضرر كباقي الاقتصاديات العالمية، في انتظار انحسار الوباء، ليتم بعد ذلك على الأمد المنظور الانكباب على التنزيل الفعلي للتغطية الاجتماعية المعممة بتنفيذ القانون 78.18 و إصلاح الوظيفة العمومية والإصلاح الضريبي حتى يمكن إدماج القطاع غير المنظم من خلال تحفيزات. هذه الإجراءات كلها ستكلف ميزانية الدولة مبالغ مهمة. هل إحداث وكالة جديدة سيسمح بتحسين الأداء الاقتصادي للمؤسسات العمومية؟ تنزيل الإجراءات التي جاء بها الخطاب الملكي سيمكن المغرب من تجاوز المرحلة المقبلة بأقل الخسائر الممكنة بفعل قيم التضامن و التماسك الاجتماعي للمغاربة، كل هذا موازاة مع تنزيل وكالة وطنية للحكامة و التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولية ومواكبة المؤسسات العمومية تخطيطا و تنفيذا لرفع مستوى أدائها و الفاعلية في تحقيق الأهداف المسطرة لها، دون نسيان محاربة الفساد الذي يفقد الاقتصاد الوطني نقطتين مئويتين سنويا، و تخليق الادارة العمومية لتكون في خدمة الوطن و المواطن، خصوصا أننا مقبلون على نموذج تنموي جديد في بداية 2021 سيقطع نهائيا مع ممارسات الماضي و عنوانه البارز الإستثمار في البشر قبل الحجر لتحقيق تنمية مجالية مندمجة.