3 أجوبة على 3 أسئلة ، حول الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الواحدة و العشرين لتربع الملك على العرش. خطاب تاريخي مطمئن في مستوى المرحلة الراهنة من أجل مغرب التنمية الاقتصادية والاجتماعية المندمجة ما بعد زمن كورونا. س: ما هو تعليقك على التوجيهات الملكية لمواجهة الآثار السلبية لجائحة كورونا على الاقتصاد الوطني؟ ج: يأتي الخطاب الملكي المخلد للذكرى 21 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين و المتزامن هذه السنة مع عيد الأضحى المبارك و تفشي جائحة كوفيد-19، ليكون بمثابة فرصة سانحة لإعداد "خطة طريق" مستقبلية لمجموعة من الأوراش الاقتصادية و الاجتماعية التي ستنكب الحكومة على تنزيلها ابتداء من السنة المقبلة من خلال مجموعة من الإجراءات العملية التي ستؤطر السياسات الاقتصادية الظرفية و البنيوية للحكومة. ويستند الخطاب الملكي على ثلاثة دعائم أساسية مهمة تخص الشق الاقتصادي و الاجتماعي و التدبيري-الحكماتي-الاستراتجي. على المستوى الاقتصادي، الملك دعا الحكومة إلى تجاوز الصدمة الاقتصادية للجائحة و التي أثرت سلبا على النمو الاقتصادي و النسيج المقاولاتي و الأسر المغربية من خلال ضخ ميزانية ضخمة في الاقتصاد الوطني تعادل 120 مليار درهم ما يعادل 11 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وكدا تخصيص 5 ملايير درهم لصندوق الضمان المركزي لضمان و تمويل المقاولات المغربية، لخلق دينامية في سوق الشغل و إحداث مناصب إضافية وبناء إقتصاد قوي و تنافسي. على المستوى الاجتماعي، يمكن القول أن خطاب للذكرى 21 للعرش كانت لها لمسة اجتماعية بامتياز من خلال دعم القدرة الشرائية لأزيد من 5.5 مليون أسرة و الدعوة إلى تعميم التغطية الصحية في أفق 2025 لتشمل المهن الحرة و المنتسبين للقطاع غير المنظم و جميع المغاربة وذلك من خلال تفعيل بنود القانون رقم 78.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي و إحداث الوكالة الوطنية للسجلات ، لتكون بذلك من بين الدروس المستفادة من زمن كورونا. وسيكون هذا الورش الكبير بمثابة قفزة نوعية في طريق بناء مغرب التنمية الاقتصادية المندمجة الممكنة. على المستوى التدبيري و الحكماتي و الاستراتيجي، فالملك دعا إلى خلق وكالة وطنية من بين مهامها مواكبة المؤسسات العمومية وتدبير استراتيجي فعال و ناجع لمساهمات الدولة من أجل حكامة جيدة في الأداء و التخطيط للمستقبل، دون إغفال إحداث صندوق استثماري استراتيجي في إطار الشراكة مع القطاعين العام و الخاص فيما يعرف ب 3P، إضافة إلى الدعوة لإصلاح الادارة و الوظيفة العموميتين لتواكبا مرحلة ما بعد كورونا. س: هل هناك إمكانية تنزيل هذه التوجيهات (14 إجراء) على الأمد المتوسط في ظل ضبابية للمستقبل القريب ؟ ج: يمكن القول أن الخطابات الملكية تحمل عادة على محمل الجد. و بالتالي ستجد طريقها إلى التنفيذ من طرف الحكومة الحالية و المقبلة. و بخصوص ما جاء به الخطاب الملكي من إجراءات، يمكن القول أن بعضها مكلفة، كخطة إنعاش الاقتصاد و التغطية الاجتماعية وإدماج القطاع غير المنظم، و أخرى غير مكلفة كإحداث الوكالة الوطنية للحكامة و التدبير الاستراتيجي و إرساء الشفافية و النزاهة و محاربة الفساد. وستعمل الحكومة في إطار الشراكة مع القطاع الخاص وطنيا و دوليا لتنزيل مضامين الخطاب الملكي من خلال التخلي في المرحلة الراهنة من مجموعة من التوازنات الماكرو اقتصادية كعجز الميزانية في حدود 7.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام و نسبة الدين العمومي التي من المرتقب أن تتجاوز 92 في المئة من الثروة الوطنية. و هذا مقبول في الظرفية الاقتصادية الحالية وطنيا و دوليا. إذا المرحلة المقبلة لابد أن تدبر بمنطق الأولويات من خلال قانون مالية 2021 حتى يمكن إنعاش الاقتصاد الوطني العليل كباقي الاقتصاديات العالمية، في انتظار تعافي الاقتصاد الوطني بعد انحسار الوباء، ليتم بعد ذلك على الامد المنظور الانكباب على التنزيل الفعلي للتغطية الاجتماعية المعممة بتنفيذ القانون 78.18 و إصلاح الوظيفة العمومية و الاصلاح الضريبي حتى يمكن إدماج القطاع غير المنظم من خلال تحفيزات هذه الإجراءات كلها ستكلف ميزانية الدولة مبالغ مهمة. س: هل إحداث وكالة جديدة سيسمح بتحسين الاداء الاقتصادي للمؤسسات العمومية؟ ج: تنزيل الإجراءات التي جاء بها الخطاب الملكي، سيمكن المغرب من تجاوز المرحلة المقبلة بأقل الخسائر الممكنة بفعل قيم التضامن و التماسك الاجتماعي للمغاربة، كل هذا موازة مع تنزيل وكالة وطنية للحكامة و التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة و مواكبة المؤسسات العمومية تخطيطا و تنقيدا لرفع مستوى أدائها و الفاعلية في تحقيق الأهداف المسطرة لها. دون نسيان محاربة الفساد الذي يفقد الاقتصاد الوطني نقطتين مئويتين سنويا، و تخليق الادارة العمومية لتكون في خدمة الوطن و المواطن، خصوصا أننا مقبلون على نموذج تنموي جديد في بداية 2021 سيقطع نهائيا مع ممارسات الماضي و عنوانه البارز الاستثمار في البشر قبل الحجر لتحقيق تنمية مجالية مندمجة و التي هي بمثابة رهان ملك و تطلعات شعب.