الأخبار الزائفة تجعل المواطنات والمواطنين المغاربة تحت تأثير حالة الخوف والتوجس أكثر من حقيقة التهديد الوبائي في حد ذاته، بل إنها تعترض إنجاح التدابير الاحترازية التي تتخذها السلطات العمومية للتصدي لانتشار هذا الوباء، وقد تدفع المواطنين، بشكل تضليلي، لعدم التجاوب مع التوصيات والنصائح الوقائية التي تقدمها السلطات الصحية المختصة". فمنذ الإعلان عن تسجيل أولى الإصابات بهذا الوباء في العالم، تناسلت العديد من المحتويات الرقمية في منصات التواصل الاجتماعي بالمغرب، والتي تمعن في نشر أخبار زائفة تزعم فيها إما تسجيل العديد من الوفيات بسبب الوباء كما وقع في مدينة مكناس وتطوان، أو تدعي بشكل مشوب بالتضليل والترهيب فرض حالة الطوارئ وقطع مداخل المدن والبوادي وتسجيل إصابات عديدة بالعدوى بالمؤسسات السياحية بمراكش وبعض المؤسسات الحيوية بمدينة الدارالبيضاء. بل إن بعض المحتويات الزائفة ادعت تعطيل عمل المؤسسات الأمنية والإسعافية، بشكل يستهدف النظام العام والأمن الصحي للمغاربة، علاوة على محتويات أخرى راهنت على المساس بالوضع الاجتماعي والاقتصادي وبالأمن الغذائي للمغاربة، عندما ادعت تسجيل ندرة أو نقص حاد في المواد الطبية والسلع الاستهلاكية، مما أدى إلى ارتفاع الطلب العمومي على تلك السلع، وبالتالي خلق بعض المضاربات التي تؤثر على القدرة الشرائية للمواطن، وكذا تسجيل حالات ادخار لأدوية حيوية دون الحاجة إليها من طرف البعض، في وقت هناك مرضى آخرين في حاجة ماسة إليها. وناشر الأخبار الزائفة، إما عن جهل أو عدم تبصر أو عن عمد مسبق، لا يستحضر أحيانا بأنه يرتكب عدة أفعال إجرامية موجبة للعقوبة السالبة للحرية وللغرامة المالية، وأن تدويناته لا علاقة لها نهائيا بحرية التعبير أو بالتدوين الافتراضي السليم في وسائط الاتصال الجماهيري وشبكات التواصل الاجتماعي. فحسب المؤشرات الرقمية والتحاليل التي توفرها مصالح المديرية العامة للأمن الوطني، فبث أو تقاسم محتوى رقمي زائف، سواء بشأن وباء كورونا المستجد أو غيره، قد ينطوي على عدة أفعال إجرامية موجبة للعقوبة الزجرية. فمثلا تسجيل ونشر شخص بمدينة القنيطرة ل 12 محتوى رقمي زائف، ينفي فيها وجود الوباء من أساسه، ويحرض فيها المواطنين على عدم الالتزام بالتدابير الوقائية المتخذة من طرف السلطات العمومية، ويوثق لصور أشخاص بدون موافقتهم، إنما يقع تحت طائلة مجموعة من النصوص القانونية التي تجرم نشر الخبر الزائف، وتعاقب على التقاط صور وأقوال لأشخاص بدون موافقتهم، فضلا عن الامتناع عن تنفيذ أشغال وقرارات أمرت بها السلطة العامة وصرحت بها. وبلغة الأرقام، تشير المؤشرات الإحصائية أن عدد الأشخاص الذين أخضعتهم مصالح الأمن الوطني لأبحاث قضائية تحت إشراف النيابات العامة المختصة، في قضايا مرتبطة بنشر المحتويات الزائفة حول وباء كوفيد-19، بلغ حاليا 20 شخصا موزعين على عدة مدن مغربية. وتتنوع أشكال وطرق نشر المحتويات الزائفة حول وباء كورونا المستجد، إذ أن هناك من يروج صورا لحالات مرضية عادية ويربطها بالإصابة بالوباء، في تهويل خطير لعدد الإصابات وخرق فاضح لحقوق المصابين، وهناك من ادعى انتحال شبكات إجرامية لصفة أطباء وممرضين لارتكاب أفعال إجرامية، وهناك من نشر صورا وأسماء محلات عمومية وشركات اقتصادية حيوية ومؤسسات سياحية بدعوى أنها سجلت حالات استنفار بسبب الإصابة بالعدوى، مما أثر على السير العادي وعلى نشاط تلك المرافق والمؤسسات الحيوية. وإذا كانت التدابير الزجرية التي تتخذها النيابات العامة ومصالح الأمن الوطني ضرورية للتصدي لمروجي هذه الأخبار الزائفة، وطمأنة الرأي العام الوطني، إلا أن التحسيس والتوعية يبقيان ضروريان لتسليط الضوء على مخاطر المحتوى الزائف على الأمن الصحي والغذائي للمواطنين وعلى النظام العام ككل، إذ أن العديد من ناشري ومتقاسمي الأخبار الزائفة لا يدركون أحيانا الإطار القانوني والعقوبات المقررة لهذا النوع من الأفعال الإجرامية، ولا يستحضرون أيضا المخاطر والأضرار الفادحة التي يتسببون فيها.