أزمة الرياضة الزمورية تحولت إلى ظاهرة وطنية مستفحلة لها ذيول وتبعات تتعايش معها الأندية كل بطريقته ويدفع ضريبتها الممارسون، فبدلا من البحث عن الحلول الواقعية للخروج من الأزمة المستعصية والمتفاقمة فإن أغلب الأندية تمارس عمليات الترقيع وسد الثقوب، أي أنه بدلا من البحث عن الحلول الجذرية والمنطقية إسهاما في تجاوز الإكراهات المعرقلة والمعطلة لتنمية رياضية فإنها تعمل على تدبير الأزمة بأدوات هجينة لا تساعد إطلاقا على تحقيق النتائج المتوخاة، مما عطل بشكل عام المشروع التنموي الرياضي الذي تراهن عليه أغلب القوى الحية بالمنطقة، ولفهم طبيعة الإخفاقات وأسبابها لابد من ربطها بالعقليات المسيرة للشأن الرياضي التي التبست عليها الأمور ولم تعد تفرق بين التنمية الرياضية والسياسية والأنشطة التجارية، هذا الخلط بين الاختصاصات له نصيب وافر في تراجع الإشعاع الرياضي الذي طبع أندية معينة طيلة عقود من الزمن. إشكالية وعقم الأندية الزمورية تعد الرياضة بإقليم زمور بمثابة قوة اقتصادية قادرة على المساهمة الوازنة والواعدة في تنمية موارد الإقليم لكنها لم تستغل بالشكل المطلوب بفعل عدة إكراهات هيكلية ونتيجة تراكمات تعزى في أغلبها إلى إقحام الرياضة في المجال السياسي والتجاري، مما خلق تنافرا وتباعدا على اعتبار أن الأندية الرياضية تتجاذبها وتتقاسمها ألوان الطيف السياسي، فجميع التمثيليات الحزبية تحاول وضع يدها على الأندية التي تخدم أجندتها وخلق قاعدة جماهيرية لاستغلالها الاستغلال الأمثل. هذه المعضلة المتجدرة والمستشرية بشكل واسع تحد من حركية الأندية وتجعل مكاتبها رهينة توازنات تخدم الأشخاص ولا تخدم مسيرة النوادي الرياضية ولا الممارسين، مما انعكس بشكل واضح على النتائج المحصلة في جميع الأنواع والأشكال الرياضية بالمدينة، إذن فالمشكل العام الذي يفرمل مردودية الأندية يرتبط بشكل وثيق بالأجهزة المسيرة التي لا تفكر لصالح الأندية بل ليس لها استعداد في خلق تنمية رياضية تستفيد منها المواهب الشابة التي تفضل الإنتقال إلى أندية أخرى بحثا عن مستقبل رياضي مشرق بعيدا عن الحسابات السياسية الخاطئة، وبفعل غياب تصور مستقبلي للنوادي الرياضية وظهور ممارسات غير رياضية وأساليب ساهمت في تمزيق الأندية من الداخل وتحريفها عن بعدها التربوي والتثقيفي والأخلاقي أي الرسالة والأهداف التي أسست من أجلها ولأجلها، فالمشكل العميق الذي يتلظى بناره ممارسو الأندية يتجلى في استغلال الموارد المالية في أمور لا تجدي نفعا ولا تقدم أية إضافة نوعية لتنمية القطاع الرياضي بقدر ما تزيد من رهن مستقبل أجيال الممارسين وهدر طاقاتهم ومواهبهم بدون طائل، فالعقم الرياضي الذي أصاب الأندية الزمورية لا نجد له تفسيرا سوى في توظيف الرياضة في خدمة الأطماع السياسية مما شجع على المزيد من التبذير والتبديد العشوائي لميزانيات مهمة كفيلة ببناء مركبات رياضية بالأحياء لتشجيع الرياضة. فالعقم والجدب أصاب أغلب الأندية الزمورية ولم يعد يسمع لها صوت في المحطات والتظاهرات الإقليمية والوطنية، ولم تسجل نتائج كما كانت في السابق عندما لم يكن بالمدينة سوى مركبين وفضاءات للتريض والناقصة التجهيز، فرياضة ألعاب القوى تراجعت بشكل خطير نتيجة سياسة الترقيع التي مارستها الجهات الوصية، كما أن رياضة الكرة الطائرة أدخلت إلى النفق المسدود بفعل العلاقات التي ربطت الرئيس السابق بالرئيس المقال للنادي الزموري وربطت رئيس الكرة الحديدية الدخيل على اللعبة مع الرئيس المخلوع ناهيك عن باقي الأندية التي لم يكن لها أي موقف مستقل ولا تستطيع التفكير في خلق قاعدة رياضية متينة دون الرجوع إلى المتحكم في خيوط اللعبة. إذن فالإشكال ليس في غياب الممارسين بقدر ما يرتبط الإشكال بالجهات المشرفة على الأندية على اختلافه وتنوعها. الرياضة بحاجة إلى موقف قوي تنمية الرياضية بحاجة إلى آليات وتصورات وقوالب فكرية جديدة تنهل من مرجعيات رياضية متطورة ومتقدمة تنخرط فيها القوى الحية بالإقليم عبر وضع إستراتيجية متكاملة ومقاربة شمولية تضع بعين الإعتبار الخصوصيات المحلية، فلا يمكن أيضا الحديث عن تطوير الرياضة الزمورية بدون وضع البنيات الأساسية والقطع مع الممارسات السلبية التي رهنت انطلاقة مسيرة المشروع التنموي الرياضي ونعني بذلك جميع الأجهزة الرياضية الغير ملتزمة التي يجب حلها وإبعاد منتسبيها عن دواليب المسؤولية لأن بقاءهم يعطل من مقدرة العنصر البشري على العطاء والإنتاجية. فكل قراءة سريعة للمشهد الرياضي المبلقن والموبوء بأمراض مستعصية على العلاج ستخلص إلى نتيجة أكيدة وحتمية لا رياء فيها ولا تغليط للرأي العام المحلي أن تخليص القطاع الرياضي من الأجهزة السالفة الذكر أصبح ضرورة تفرضها طبيعة المرحة بحمولاتها الديمقراطية وتوجهاتها الحداثية، ولن يتم الإصلاح المتطلب والمنتظر إلا عبر عملية جراحية لاستئصال الأعضاء والأورام المعطلة والمعرقلة للمبادرات الطموحة والبناءة، فعملية كنس الأندية من الداخل لا يكن أيضا أن تستقيم بدون إرادة للتغيير، والتغيير الذي ننشد هنا لا يعني تغيير شخص بشخص آخر، ولكن التغيير الذي يقطع بصفة نهائية مع مرحلة بملابساتها وإسقاطاتها وإرهاصاتها ويؤسس لأخرى بطريقة شفافة ونزيهة لها أهداف وتصورات وبرامج تعمل على تنفيذيها وتصريفها في الوقت والزمن المحددين، وتحدد علاقة واختصاصات جميع الأطراف المرتبطة بالأندية وحدود ومجال تدخلها. ونعتقد أن هذه المهمة النبيلة والأخلاقية يجب أن تضع من ضمن أولويات مسؤولي الإقليم الذين يجب أن يدلوا بدلوهم في مؤسسات رياضية قائمة. المجتمع المدني ضرورة ملحة في المعادلة الإصلاح الجدري لا يمكن أن يستقيم بدون إشراك الجميع، خاصة أحزاب الصف الوطني والديمقراطي والمركزيات النقابية والجمعيات الحقوقية التي تناضل لعقلنة القطاعات الحيوية والنشيطة وممارسة نوع من الرقابة، فلإعادة ترتيب أوراق الأندية الرياضية الزمورية على المجتمع المدني الحر والنزيه تحمل مسؤوليته التاريخية والمبادرة إلى وضع اقتراحات عملية إسهاما منه في صياغة رأي عام محلي قوامه الأساسي الدفاع عن المال العام وتحقيق نوع من الإجماع المحلي، ونعتقد أن تحركا من هذا القبيل كفيل بدفع الجهات المسؤولة باتخاذ موقف موحد تجاه مسألة القطاع الرياضي الذي يتجه بسرعة كبيرة نحو الإفلاس بالنظر إلى النتائج الكربونية التي تسجلها أغلب الأندية التي تتلقى دعما ماديا وسخيا بشكل سنوي، فالجماهير الزمورية التي عبرت عن غضبها واستنكارها للمؤامرات التي تحاك ضد إقلاع الرياضة محليا وإقليميا عبر الوسائل المشروعة بحاجة إلى موقف موحد من قبل المجتمع المدني النزيه لأن الصمت في هذه الفترة الحرجة مؤامرة بل يعد جريمة يتحمل الجميع مسؤولياتها الآنية والمستقبلية، فالأمر في النهاية يتعلق بنوادي محلية يمارس فيها أبناء المنطقة، ومن الغبن والجبن ترك هذه المواهب عرضة للتسيير الإرتجالي والتدبير العشوائي لمستقبلها الرياضي دونما تقديم أي شكل من أشكال الدعم والمساندة الضرورية، فهل ستتحرك فعاليات المجتمع المدني و تعمل من موقعها على تسييد موقفها وإعطاء دفعة قوية قادرة على إخراج الملف الرياضي من عنق الزجاجة وإزاحة الألغام لتعبيد الطريق وتسهيل عملية انتقال المسؤولية بشكل سلس ....؟