مما لا شك فيه أن الإعلام بجميع مكوناته يعد حلقة أساسية في المشهد الرياضي العام، لكن لا يزال بعض الإعلام الرياضي ضعيفا وبعضه الآخر يتلمس طريقه بخجل لأنه لا ينهل بتاتا من التطور العلمي التكنولوجي، كما أنه يحمل في عمقه تضاربا بين رسالة الإعلام ودور الإشهار، أي أنه يمارس المهمتين في آن واحد، فتطوير المنظومة الرياضية بحمولاتها الفكرية والمعرفية والتقنية يقتضي وجود إعلام مستقل متمكن قوي قادر على طرح الأفكار ومناقشتها بكل حيادية وتجرد، قادر على تكوين رأي عام وطني وجعله في قلب المعادلة وتحسيسه بالمسؤولية اتجاه المتغيرات التي يعرفها المحيط الرياضي دونما حاجة إلى توجيهه لتبني رأي معين، وبغية تسليط الضوء على مهنة المتاعب بإقليم الخميسات ووضعها تحت التشريح والتدقيق يتطلب الأمر قراءة واستحضار الكائنات المنتسبة إلى مزرعة الإعلام وكذا "المنتوج" الإعلامي المقدم، لأن المقالة الصحفية الجيدة في اعتقادنا كفيلة بإعادة إنتاج وتوليد قيم رياضية تفسح المجال لتطوير الرياضة وتقدمها وازدهارها. تطوير الرياضة وتطوير الإعلام تطوير المنتوج الرياضي يعني بالضرورة تطوير جميع الأنشطة المرتبطة به، خاصة الإعلام بجميع مكوناته، فالتطوير الذي يخدم الرياضة لابد أن يكون قادرا على مناقشة الإشكالات بشكل عقلاني دون تحيز أو محاباة طمعا في المنة أو التشريف تسبغه عليه جهة معينة، بمعنى أن على "رجل" الإعلام أن يتصف بمواصفات معينة أولها أن يكون لديه مستوى تعليمي يؤهله لصياغة الخبر وكتابة مقالات تتصف بالصدق والموضوعية وقادرة على طرح البدائل، ثم الاستقلال التام من التبعية لأي شخص أو مؤسسة رياضية كيفما كان نوعها أو وزنها، هذه المعادلة بإقليم الخميسات غير متوفرة مع بعض الاستثناءات الطفيفة تفرضها المنابر الإعلامية الحزبية. للوقوف على هذه الحقائق الصادمة لابد من تتبع ورصد بعض الكتابات المشحونة بطابع التبعية المطلقة للكائنات المتخشبة والمتكلسة في دواليب التسيير عن طريق ممارسة بعض الكتبة الذين تخرجوا من جامعات الانبطاح والارتزاق دور"النكافة" بحثا عن منافع خاصة وتمييع الحقل الصحافي وتحويله إلى مستنقع آسن يحبل بالجهلة والأميين وعديمي الأخلاق، فهذه العينة المتكاثرة والمتناسلة بقوة والمتطاولة والمندسة في الحقل الإعلامي لا تسعى لتأسيس فكر رياضي-لأنها فارغة معرفيا- يخدم الرياضة الوطنية ويساهم في تقزيم وتحجيم نفوذ مافيا الأندية والدفاع عن مصالح اللاعبين والأطقم التقنية ضد الاستغلال والتهميش بعيدا عن تعويم الحقيقة وتغليفها بورق من "السلوفان" وتعطيرها حتى لا تفوح الرائحة العطنة وتزكم الأنوف. الإعلام الرياضي ومنشطي الأعراس الإعلام الرياضي بإقليم الخميسات أصبح معتقلا من بعض الأصناف والنماذج البشرية الغريبة على المجال منهم على سبيل المثل لا الحصر منشطي الأعراس وبائعي الأقراص المدمجة والفاشلين دراسيا وحرفيين ومتقاعدين لفظتهم الإدارات العمومية بفعل انتهاء مدة صلاحيتهم وهلم جرا من الكائنات الهلامية التي أصبحت تجذبها مهنة المتاعب بغرض التكسب والارتزاق والسمسرة وتزييف الحقائق والتقرب من صانعي القرار السياسي والرياضي بالمنطقة، هذه التوليفة لم يكن لها أن تكون لو كانت المنابر الإعلامية تحترم نفسها وتفرض على الراغبين في الانتساب إليها شهادة علمية حرصا منها على المصداقية وتطوير المؤسسة الإعلامية بغرض الانتشار وخدمة القارئ في المقام الأول وخدمة الرياضة الوطنية التي تعيش وضعا غير سليم منذ سنوات نتيجة المجموعة من المعوقات. ويلاحظ أن بعض المنابر الوطنية تمارس الإعلام الهاوي ودورها ضعيف لذلك لا تفرض قيودا على المنتسبين إليها كإجراء اختبارات كتابية في مواضيع معينة للوقوف على الجانب المعرفي والفكري والتربوي، وهذه العملية لن تنتقص من قيمة المنبر الإعلامي بقدر ما ستعمل على تحصين الإعلام عموما من الطفيليين والسماسرة و"الشناقة" والباحثين عن "المرق" وجمع فتات موائد الأسياد. والخطير في الأمر أن هذه العينة من المتآمرين على الإعلام وجودته وتطويره تعمل على نسخ ونحل مقالات من مدونات بالأنترنيت ويتم نشرها في جرائد بعينها بعد إجراء تغييرات طفيفة عليها والأمثلة كثيرة ومتنوعة بتنوع المتهافتين والقوارض والجدران. في جانب آخر نجد أيضا موظفين فاشلين ورؤساء أندية رياضية ألفوا الاصطياد في المياه العكرة، يركبون قوارب الإعلام ليس حبا فيه بل مخافة نشر غسيلهم وكشف عوراتهم من قبل الصحافة المحترمة خاصة أنهم يتوصلون سنويا بأموال مهمة لفائدة الأندية لكنها تختفي بشكل أو بآخر ولا يخجلون من دفع الإتاوات لبعض الجرائد اليومية والإذاعات الوطنية للحصول على الاعتماد وبطائق الإعلام وهو ما تحقق لغالبيهم...؟ وقد شجع الإسهال والتساهل في الحصول على البطائق من مؤسسات إعلامية دون أدنى عناء لأسباب غير واضحة على ظهور جيل من الكتبة والفقهاء قاسمهم المشترك الجهل وتمييع الحقل الصحافي عبر تكريس أساليب هجينة وممارسات فجة تكشف عن المستوى الخطير والمتدني للإعلام الرياضي. علاقة الإعلام بالدجاج والعسل ؟؟ وجود المؤسسات الإعلامية الرياضية بالمغرب أمر في غاية الأهمية لأنه يمكن من الضبط الجماهيري، وغرس قيم ومفاهيم اجتماعية حديثة تتطور إلى تغييرات في السلوك الفردي والجماعي سعيا وراء تغيير حضاري في طرق التفكير والتعبير، لكن هل يمكن لمؤسسة إعلامية المساهمة في الوعي الجماعي وبعض العاملين بها يشجعون على ممارسات مشينة، إذ يقوم "مراسل" من صحيفة محترمة كل مرة بشحن السيارة باللبن والزبدة والدجاج والعسل والزيت البلدي والأغطية الزمورية التراثية....؟ وتوزيعها على صحافيين بعينهم بل منهم من قام مؤخرا بشراء أضحية العيد من مال "الابتزاز" لصالح مجموعة من المحسوبين على الإعلام. والأنكى من ذلك أن مدراء بعض الجرائد على علم بالمستوى المعرفي والفكري لبعض المراسلين وحتى الصحفيين لكنهم لا يتحركون لوقف المد التخريبي الذي يطال الإعلام الرياضي والذي يحول منابر إعلامية وطنية إلى وسيلة للارتزاق والابتزاز. الإعلام الرياضي الذي نريد لأن الإعلام يعني مخاطبة جماهير معينة، ونقل معلومات معينة، وطرحها للتداول والتفاعل والنقاش، أي أنه يسعى إلى تحقيق نوع من التفاعل الأفقي والعمودي يشارك فيه الجميع الرسمي وغير الرسمي، بناءً على الاقتناع والوعي بأهمية القضية أو القضايا المراد دراستها بشكل جماعي كل من موقع مسؤوليته، وعليه فالإعلام الرياضي الذي نريد ونتلمسه يكون مرتبطا بقضايا الرياضة متفاعلا وفاعلا ومؤثرا فيها بشكل يسمح بتغيير المفاهيم والقيم الرياضية بأخرى أكثر تطورا يفرضها التقدم التكنولوجي والحداثة.