استغرب مستغلو القاعات السينمائية صمت مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، وصارم الفاسي الفهري، المدير العام للمركز السينمائي، حول منع فيلم "الخروج" من العرض بعد الترخيص له، متسائلين عمن يتحمل مسؤولية الخسارة التي تكبدها المتدخلون في عملية عرض الفيلم، إذ كان ابتداء يتم الإعلان عن عدم الترخيص له. وحسب معلومات توفرت لدى الجريدة فإن المركز السينمائي رخص بعرض الفيلم، وبعد ثلاثة أيام من عرضه بإحدى القاعات بمراكش توصل المشرفون عليها بقرار المنع، موقعا من قبل رئيس مصلحة وليس من قبل المدير العام كما ينص على ذلك القانون، كما لا يتضمن تعليلا واضحا يمنح أصحاب القاعة الحق في اللجوء للقانون، وذلك وفقا لقانون تعليل القرارات الإدارية الصادر في عهد حكومة التناوب سنة 2001. وقد تم خرق القانون رقم 20/90 المتعلق بالصناعات السينمائية وخصوصا المادة الثامنة، التي تتكلم عن تأشيرة الاستغلال، والتي تؤكد أن اللجنة يترأسها مدير المركز وتضم أربعة أعضاء يمثلون وزارة الاتصال ووزارة الثقافة وممثل المنظمات المهنية وممثل موزعي الأشرطة ومستغلي القاعات، وينص القانون على أن القرارات تُتخذ بالأغلبية وبالتصويت، ويجب أن يتم إبلاغ القرار للمعني برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل. غير أنه في قضية فيلم الخروج لم يتم اعتماد هذه المسطرة، التي تنص على أن المنع يتم وفق قاعدة "المشاهد المتنافية مع الأخلاق والآداب العامة أو تضر بالشباب"، وهي الأشياء التي لم يتضمنها قرار المنع، الذي أشار إلى أسباب دينية، في حين إن مصر قررت منعه لكن كان التعليل ذكيا حيث قال وزير الثقافة إن الفيلم يحرف التاريخ والحقائق ويحاول تصوير اليهود على أنهم شعب الله المختار وهي نفس إيديولوجيا الصهيونية. وقالت وزارة الثقافة المصرية في بيان اول أمس الأحد إن الفيلم الأمريكي (الخروج: آلهة وملوك) الذي رفضت الترخيص بعرضه قبل أيام اعتمدت فكرته على ما اعتبرته إساءة لمصر الفرعونية ضمن ما رأته سلسلة من مغالطات تستهدف تهويد تاريخ البلاد. وكان متحدث باسم شركة (توينتيث سنشري فوكس) قال يوم الجمعة الماضي إن مصر حظرت عرض الفيلم الذي أخرجه ريدلي سكوت ويتناول ما يقول إنه خروج اليهود من مصر بقيادة النبي موسى. وحظرت مصر من قبل أفلاما تجسد شخصيات واردة في الكتاب المقدس ومنها فيلم (نوح) الذي منعت عرضه عدة دول في الشرق الأوسط هذا العام بسبب تجسيده لشخص النبي نوح. وقال البيان إن الأزهر لا علاقة له بقرار منع الفيلم ولا يوجد "سبب ديني واحد على الإطلاق" لرفض عرض الفيلم الذي استمد مادته من منظور "توراتي إلا أن أحداثها جاءت بعيدة تماما عن قصة نبي الله موسى عليه السلام التي وردت في الكتب السماوية الثلاثة." وأضاف أن الفيلم "محاولة ليست هي الأولى لتهويد الحضارة المصرية مما يؤكد بصمات الصهيونية العالمية على الفيلم الذى بنيت فكرته على عدد كبير من تزييف الحقائق التاريخية والمغالطات الفادحة." وقال البيان إن الفيلم "يقدم صورة غاية في العنصرية ليهود موسى فلم يقدمهم على أنهم الطبقة المستضعفة في مصر بل قدمهم على أنهم الطبقة القادرة على المقاومة المسلحة فيقومون بتفجير السفن التجارية ويحرقون بيوت المصريين ويجبرون الفرعون على الخروج." وأخذ البيان على الفيلم أنه أظهر المصريين "على أنهم متوحشون يقتلون يهود موسى ويشنقونهم وينكلون بهم ويمثلون بجثثهم في الشوارع بصورة بشعة وهذا يتنافى تاريخيا مع الحقائق التاريخية حيث إن المصريين القدماء لم يعرفوا عملية الشنق وهذه الأحداث ليس لها أي سند تاريخي فهذه المشاهد لم تحدث نهائيا ولم يثبت تاريخيا أنها حدثت." واستشهد البيان على ما اعتبره عنصرية بمشهد في نهاية الفيلم يعود فيه موسى لزوجته ومعه أتباعه فتسأله عما إذا كان عاد وحده فيرد قائلا "لقد نجوت بالصفوة.. أي شعب الله المختار فى إشارة عنصرية واضحة." وكان الأمريكي سيسيل دي ميل أخرج عام 1956 فيلم (الوصايا العشر) بطولة شارلتون هيستون. وصور الفيلم الذي يبلغ طوله نحو أربع ساعات في عدة مواقع بمصر واعتمد أيضا على ما جاء في سفر الخروج في الكتاب المقدس. وما زال نقاد مصريون يعتبرونه تزييفا لترتيب وقائع التاريخ وقصة خروج اليهود من مصر. وسجل البيان قيام الشركة المسئولة عن تصوير مشاهد فيلم الخروج في مصر "بعملية تمويه وخداع متعمدة.. بإخفاء المعلومات الحقيقية عن طبيعة.. الفيلم" قائلا إنها تقدمت بطلب تصوير فيلم سياحي عن مصر يتكون من عدة مشاهد بدون أشخاص وإنها لم تقدم النص الأصلي لسيناريو الفيلم وتم منحها الترخيص بالتصوير داخل مصر فقامت بتصوير "مشاهد الفيلم الحقيقية خلسة." وقال البيان إن رفض العرض اتخذ بعد تشكيل لجنة علمية تضم مؤرخين وأثريين سجلوا وجود "المغالطات التاريخية" وأوصوا بعدم عرضه "نهائيا لأنه يعطى صورة ذهنية مزيفة وخاطئة ومغلوطة عن تاريخ مصر." وشددت وزارة الثقافة على أنها كانت تود التصريح بعرض الفيلم "انتصارا لحرية التعبير والإبداع إلا أن هذا قد يؤدى إلى تسريب تلك الأفكار المغلوطة التي يبثها الفيلم لجيل يستقي معظم معارفه وثقافته عبر تلك الأفلام والتي تضرب التاريخ المصري في مقتل" ولهذا رفض عرض الفيلم في دور العرض المصرية.