من حق رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، أن يشرف ويسهر على حسن سير مختلف أنشطة ومرافق المؤسسة التشريعية، ومراقبة سيرها بالشكل المناسب وليس بالشكل الذي ينبغي أن يكون. ومن حقه أن يشهر أوراق التحذير والتنبيه التي بين يديه في حالة وقوع تسلّل أو شرود، لكن رشيد سيبتعد عن سياسة الرشد، قليلا أو كثيرا،إن هو التجأ إلى تطبيق الإجراءات الردعية في حقّ النوّاب والاقتطاع من تعويضاتهم بعد إشهار أسمائهم في الجلسة العمومية ، وكل ذلك بدعوى محاربة ظاهرة التغيّب من طرف هؤلاء النوّاب . يعرف السيد الرئيس ، وهو نائب برلماني ، أن النائب هو أولا وأخيرا ممثّل الأمة ، وبالتالي فهو محكوم عليه بالتنقّل والاشتغال فيما يهم دائرته التي يمثّلها ، وفي نفس الوقت من المفروض عليه الانكباب على قضايا تتعلق بكل ما هو وطني إلى جانب الاهتمام بما هو برلماني سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي أو الدولي .كما يعرف السيد الرئيس، وهو مناضل حزبي، أن النائب مناضل حزبي ، ملتزم بأنشطة وقضايا الحزب الذي ينتمي إليه وبواسطته احتل موقعا داخل الغرفة النيابية الأولى ، ومن الواجب عليه متابعة الأنشطة الحزبية إن لم يكن ترؤّسها أو الإشراف عليها ، ناهيك عمّا يفرضه النضال الحزبي من لقاءات واتصالات مع المناضلين وعموم المواطنين . كل هذه الأمور وغيرها تتطلب من النائب حضورا مكثّفا ووجودا متميّزا قد لا يسمح له في غالب الأحيان بالحضور المستمر تحت قبّة المجلس، ومتابعة أشغاله بما يتطلب من جدّ ونشاط. لكن أن يقرر السيد الرئيس تطبيق الاقتطاع من أجور أو بالأحرى تعويضات السادة النواب ، فهذا ليس بالقرار الرشيد ولا بالتنزيل السديد للمقتضيات المرتبطة بعملية الاقتطاع . ليسمح لنا السيد الرئيس أن نقول له إن مجلس النواب ليس مدرسة يفرض مديرها على كل من فيها الدخول في وقت معيّن والخروج في وقت معيّن، وإلاّ فسيصبح من الواجب على النوّاب الوقوف مثنى مثنى ، في نظام وانتظام ،أمام باب المجلس ، وتهييء محافظهم أو حقائبهم ، والعناية بمظهرهم ،وانتظار إشارة المدير بدقّ الجرس إيذانا بالالتحاق بأقسامهم وفصولهم ، والدخول إليها بهدوء . وعلى كل من تغيّب عن حصّة من الحصص عدم قبوله في الفصل إلا بعد استدعاء والده أو ولي أمره لإخباره بما اقترفه ابنه أو الوصي عليه. دعنا السيد الرئيس نقول أن هذا الأسلوب المدرسي ، الذي من المفروض أن يسود ، لم يعد مقبولا إن لم نقل تجاوزه الدهر والعصر ، بحيث أصبحت الأمور تسير بطرق أخرى لا أثر فيها لممارسة "التّزيار" والتضييق ، بل تقوم على الرشد وعلى المرونة والنجاعة والفعالية في التسيير .ودعنا السيد الرئيس نضيف أن المعني بالأمر هنا هي الأحزاب التي ينتمي إليها السادة النواب ، وبما يتلقّوه فيها من خلال أدبياتها ومرجعياتها وقوانينها التنظيمية .ولا شك أنكم تنتمون لواحدة من هذه الأحزاب ، وتحتلون فيها موقعا قياديا ، لذلك نسائلكم السيد الرئيس :ماذا ستفعلون مع النواب التابعين لهيئتكم الحزبية في حالة تسجيل تغيّبهم ؟ هل سيسري عليهم قانون الاقتطاعات الشهير ؟ هل سيتم الادّعاء، في حالة عدم تطبيق القانون عليهم، أنهم كانوا في مهمة خارج الوطن ؟هل هذا أسلوب رشيد السيد الرئيس رشيد ؟ إن المطلوب، السيد الرئيس، من مجلسكم الموقر هو القيام بدوره التشريعي بطريقة فعّالة، والانكباب الجدّي على القضايا التي تهم الوطن والمواطن ، والإسراع بتنزيل ما يتطلبه الوقت من قوانين وإجراءات لنكون مواكبين للسرعة التي تسير بها البلاد والعالم ، ومراقبة إنتاجية ومردود النواب وليس تتبّع العثرات والتغيّبات التي يكون لها ما يبرّرها . إلى جانب هذا ، لا بد من تفعيل الدبلوماسية البرلمانية، وتكثيف الاتصالات ، وربط العلاقات بين مؤسستكم وبرلمانات الدنيا ، وإقامة مجموعات صداقات بداخلها لخدمة المصالح العليا للوطن . إن الأسلوب الذي تعتزمون القيام به غير رشيد السيد رشيد. نحن لسنا ضد الاقتطاع من أجور النواب ولكن ضد الاستعمال الانتخابي ليظهر الرئيس انه مع مصلحة البرلمان و الشأن العام. الأمر ببساطة هيكلي يرتبط بالحزب وبالتربية والأخلاق الحزبية. شكرا السيد الرئيس