سبحان الذي أسرى بعبده أبيض وشباط والباكوري من هنا وهناك إلى بيت لشكر. وسبحان الذي أوحى إلى هؤلاء الزعماء بالخلوة في ركن اتحادي لتنسيق جهود المعارضة، وتحضير الأدوات اللازمة لمواجهة حكومة بنكيران بتماسيحها وعفاريتها ما ظهر منها وما بطن، خاصة بعد أن أدرك أقطاب المعارضة أن السيل بلغ الزّبى، وأنه لم يعد أمامهم سوى الوقت بدل الضائع لإدخال آخر العناصر، ولعب آخر الأوراق إن لم يكن من أجل الإطاحة بالحكومة "العفريتة"، فعلى الأقل لخلخلة سيرها، وخلق الاضطراب في أوصالها لعلّ وعسى تحدث ما يكفي من الشّقوق بين أركانها، وتسقط من تلقاء نفسها. ألم يَتَهَاوَ الاتحاد السوفياتي، المحصّن بالنظريات المسلحة لماركس ولينين ودوغمائية الحرس القديم، في رمشة عين؟ من يتذكّر اليوم السوفيات ومواجهاته المشهودة للميريكان وسائر الإمبرياليين والتابعين لهم؟كان ما كان. وعفا الله عمّا سلف. اليوم في بيت لشكر وغدا أمر. والأمر ما يتوعّد به أقطاب معارضة اليوم الذين سيتفرقون، جميعهم أو بعضهم غدا، والبحث عن الركن الدافئ الذي سيأويهم. غدا سيفتح المغاربة عيونهم، بعد انفراط عقد الحكومة وعقد المعارضة، ليروا ما قد لا يسر ولا يعجب: سنرى الباكوري يحتضن بنكيران بحرارة شديدة وكأنهما لم يلتقيا مائة عام؛ وسترى شباط يبوس لحية بنكيران، وهذا يقبّل رأس ذلك. وعفا الله عمّا سلف. سيختلي لشكر طويلا بأبيض وربما ببنعبد الله أو العنصر ومزوار، ويعلنون، على رؤوس الأشهاد، عن ميثاق طموح يرمي إلى تجديد دم الحكومة أو المعارضة المقبلة. المهم سيلتقي أعداء الأمس ويعلنون، في ندوة صحفية لأن الندوات الصحفية تستهويهم كثيرا عن برنامج عمل مشترك لمواجهة الآخر كان حكومة أو معارضة. ستتبدّل الأحوال وتتبدّل معها المواقع. والذين ألفوا الصراخ والزعيق في التلفزيون ضد هذا وذاك، ستتحوّل نبرات صراخهم إلى كلام موزون ومسؤول، وهم يتحدّثون، بكل هدوء وثقة، عن برامج الحكومة ومشاريع الحكومة، وما قامت وستقوم به الحكومة من أجل الشّغّيلة والأجراء والمتقاعدين والمعطلين والطلبة والفقراء ... وضمان الشغل للجميع والكرامة للكل والرخاء للأمة .. وحتى الديقراطية. من أراد أن يحتج أو يقف أو يعتصم، فالساحات والميادين مفتوحة؛ ومن أراد أن يتعرّى أو ينام أو يسبّ عباد الله في الشارع، فلن يمنعه أو يصدّه أحد: لا قوات عمومية ولا تجمعات شعبية. أما ما تقوله المعارضة فهو من قبيل كلام الليل الذي يمحوه النهار. وعفا الله عمّا سلف. غدا سيرى الجمع التحوّل بمقياس مائة وثمانين درجة في مواقف صفّ الائتلاف الحكومي، ومجموعة التحالف المعارض. ولا ضير أن يقتبس هؤلاء ويتحدّثوا بخطاب أولئك والعكس وارد. سينسى لشكر كل ما قاله في حقّ الباكوري وحزبه. سيتخلّى شباط عمّا بدر منه إزاء بنكيران والحاملين مصباحه. سيلعن بنعبد الله الشيطان الرجيم ويمضي في البحث عمّن يبني معه الكتلة الديمقراطية التي ذهبت إلى زوال بعد أن أصبحت في خبر كان، أو يستدرج الرفاق المشتتين هنا وهناك لبعث الحياة في الإيديولوجبا القديمة التي ما عاد يلتفت إليها أحد. سيعود العنصر مع مزوار أو أبيض للعمل من أجل إعادة الروح إلى مجموعة الثمانية، وإعلانها معارضة حتى النصر. سينبعث أقطاب جدد من أحزاب "غير ذات شأن"، ويرصّون صفوفهم لإيجاد موطئ قدم في الحكومة أو المعارضة. سيتغيّر مسار سيارات الزعماء من الجهة التي ألفوها إلى جهة أخرى يبحثون عن الألفة والإمتاع والمؤانسة معها. وعفا الله عمّا سلف. وسبحان مبدّل الأحوال.