يستمر الطلب الداخلي على الاستهلاك رافعة قوية داعمة للاقتصاد الوطني في ما تبقى من شهور من سنة 2014، ذلك أن استهلاك الأسر المغربية سيساهم بشكل كبير في إنعاش الدورة الاقتصادية. ويفسر ارتفاع نمو استهلاك الأسر في الفصل الثاني من السنة الجارية اعتماد الاقتصاد الوطني في نموه بدرجة أولى على الأسر. ويرتقب حسب المندوبية السامية للتخطيط أن يعرف هذا الاستهلاك نموا يقدر ب3,5 بالمائة حسب التغير السنوي، عوض 3,2 بالمائة خلال الفصل الأول. وما يؤكد اعتماد الاقتصاد الوطني في نموه خلال الفصل الثاني من السنة الجارية على الأسر واستهلاكها هو المنحى التصاعدي للواردات المغربية من المواد الغذائية حيث ستسجل هذه الواردات ارتفاعا يبلغ ب17,8 بالمائة، مقارنة بالفصل الأول. ارتفاع واردات المغرب بهذا الشكل من أجل الاستهلاك الغذائي وبسبب المقتنيات من المواد الغذائية والاستهلاكية سيساهم في ارتفاع الواردات المغربية بصفة عامة خصوصا ما تعلق بالمواد الطاقية حيث سترتفع الواردات المغربية في مجملها بزيادة تقدر بنسبة 4.4 في المائة. ارتفاع الطلب الداخلي لن يكون وحده الداعم الأساسي للاقتصاد الوطني خلال الفصل الثاني، إذ سينضاف إليه تحسن الأنشطة غير الفلاحية التي ستعرف بدورها انتعاشا ملموسا، وفي مقدمتها الصناعات الغذائية، حيث توقعت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها عن الظرفية الاقتصادية لشهر يوليوز أن تحقق الأنشطة غير الفلاحية زيادة تقدر بنسبة 3,2 بالمائة عوض 2,1 بالمائة الفصل الذي قبله، مشددة على أن تحقق الصناعات الغذائية نموا يقدر ب2,5 بالمائة، فيما يتوقع أن تحقق الصناعات الأخرى على العموم، تطورا متواضعا موازاة مع تباطؤ صناعات مواد البناء. وأوضحت المندوبية، أنه من المتوقع أن تعرف الأنشطة غير الفلاحية تحسنا تدريجيا بفضل تطور أنشطة القطاع الثالثي، محققة زيادة ب 3,2 في المائة، فيما تواصل أنشطة القطاع الفلاحي تراجعها، خلال الفصل الثاني من 2014، بنسبة 2,9 في المائة حسب التغير السنوي، متأثرة بقلة التساقطات التي ميزت بداية ووسط الموسم الفلاحي الحالي. وأضافت المندوبية، أن الطلب الخارجي الموجه للمغرب بدوره سيعرف تحسنا بنسبة 3,5 بالمائة، وذلك في ضوء انتعاش اقتصاد الدول المتقدمة ومساهمته في تحسن المبادلات التجارية العالمية بنسبة 3,2 بالمائة خلال الفترة نفسها. وبالموازاة مع ذلك، توقعت المندوبية تسجيل الصادرات الوطنية لارتفاع بنسبة 15 بالمائة خلال نفس الفترة، وذلك بسبب الطلب الخارجي الذي استفادت منه صناعات السيارات والنسيج، وكل ذلك عوامل من شأنها أن تساهم في تراجع محتمل للعجز التجاري بحوالي 5,8 بالمائة خلال هذا الفصل الذي تميز بتحسن معدل تغطية الصادرات للواردات بنسبة 5 نقط لتستقر في حدود 53,9 بالمائة. على الرغم من أن صادرات الفوسفاط ومشتقاتها ستواصل تراجعها، متأثرة بانخفاض الطلب الموجه لها وتراجع أسعارها في الأسواق العالمية. من جهته، سيشهد تكوين رأس المال ارتفاعا يقدر ب1,4 بالمائة، خلال الفصل الثاني من 2014، بعد تباطئه خلال الفصل الذي قبله، ويرجع هذا التحول، بالأساس، إلى انتعاش طفيف للاستثمار في قطاع الصناعة التحويلية، حيث سترتفع واردات مواد التجهيز بنسبة تقدر ب20,3 بالمائة. وعكس ذلك، سيعرف الاستثمار في قطاع البناء بعض التباطؤ، فيما ستشهد أنشطة الأشغال العمومية بعض الاستقرار. كما سيشهد قطاع المعادن ارتفاعا يقدر ب2,8 بالمائة، فيما تشير البيانات الأولية إلى بطء في وتيرة نمو قطاع البناء والأشغال العمومية. ويتوقع أن تعرف الصناعات التحويلية، من جانبها، انتعاشا طفيفا في الفصل الثاني لتحقق ارتفاعا يقدر ب2 في المائة، بعد زيادة نسبتها 0,9 في المائة خلال الفصل الذي قبله. وحسب المذكرة، فإن القيمة المضافة لصناعات "النسيج والجلد" ستستفيد من انتعاش الصادرات، خاصة الألبسة الجاهزة لتحقق زيادة تقدر ب 16 في المائة، حسب التغير السنوي، مبرزة أنه يتوقع أن تحقق الصناعات الغذائية نموا يقدر ب 2,5 في المائة مدعما بتحسن الطلب الداخلي، فيما ستشهد قطاعات أخرى أداءً ضعيفا، متأثرة بتباطؤ وتيرة نمو صناعات مرتبطة بقطاع البناء.