ما سبب الخلاف بين أطراف الحكومة حول صرف تعويضات شهرية للأرامل؟ ففي الوقت الذي أقر محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، بصعوبة تنفيذ هذا المشروع، قامت قيامة رئيس فريق العدالة والتنمية عبد الله بوانو محذرا من تأخر الحكومة في هذا المشروع، إذ أكد أن الحكومة تقوم بإجراءات لصالح المالية والاستثمارات في البلاد ولصالح الفئات المحرومة. وتم تحديد عدد الأرامل، يسميهم بنكيران الهجالات، في 333 ألف أرملة. فانتفاضة بوانو ليست من أجل سواد عيون الأرامل، وليست من أجل تقديم خدمات للفئات الفقيرة، ولكن من أجل الانتخابات فقط، وقد فضحه لسانه عندما قال لا ينبغي تأخير تنفيذ هذا المشروع إلى السنة المقبلة خوفا وتخوفا من مرور الانتخابات الجماعية قبل أن يتم تطبيق هذا الإجراء. فتنفيذ هذه الخطة ستعود على حزب العدالة والتنمية بالنفع العميم، فهذا يعني ضمان 333 ألف صوت قارة في كل انتخابات، بالإضافة إلى ما أسماه بنكيران إجراءات الدعم المباشر للفقراء وهم حسب راميد حوالي ثمانية ملايين، ولا يراهن بنكيران على كل هذا العدد ولكن على ثمنه فهو كافٍ ليمنحه مقاعد مهمة سواء تعلق الأمر بالانتخابات التشريعية أو الانتخابات الجماعية الممهدة أيضا لانتخابات مجلس المستشارين أو في انتخابات الجهة وفق قانون الجهوية الموسعة الجديد. فالموضوع انتخابي بامتياز، فبنكيران سيعطي، إذا أعطى وهذا مستبعد، باليمين ما أخذه باليسار. فتحصيل المبالغ المالية التي ستغطي تكلفة مخصصات كل هؤلاء النسوة ستفوق أربعة ملايير درهم شهريا، فهذا يعني متاعب جديدة للخزينة العامة وللحكومة، لكن بنكيران لديه الحلول الجاهزة، وهي عبارة عن "من لحيتو لقم ليه"، أي أنه سيلجأ إلى إجراءات لا شعبية جديدة من زيادات ورفع في فواتير الماء والكهرباء وزيادات لا يعلمها إلا المطلعون على خبايا الأمور، وذلك من أجل جبي هذا المبلغ. لقد تحولت حكومة بنكيران إلى حكومة جابية، فهي حكومة تعيش عالة على الشعب، فهي الحكومة التي كلما عجزت عن حل مشكل من مشاكلها المستعصية كلما توجهت نحو الشعب وتوجهت إلى جيوبه المثقوبة أصلا. سيعطي بنكيران للأرامل، ولن يعطيهم طبعا فهو يعشق تقديم الوعود الكاذبة، أموالا سلبها من أبنائهن ومن عائلاتهن التي كانت تجود عليهن، وذلك برفع الأسعار وبالإجراءات الضريبية المتعددة، والتأثير على الشركات وطرد العمال والحد من التوظيف والتوقف عن إيجاد وتأسيس المشاريع المدرة للدخل. إذن تخصيص تعويضات للأرامل ليست سوى لعبة انتخابية خبيثة يقودها بنكيران، من أجل استمرار هيمنته على الحكومة، وهي إجراءات لن تحل مشكلا، ما دامت هذه التعويضات ستقتطع من فقراء الشعب فقط وليس من أغنيائه باعتبار أن بنكيران لا يحوم حول أرباب العمل والأغنياء. وأصبح لزاما وقف هذه المهزلة قبل التفكير فيها وفي منطقها وفي أدواتها وكيفية صرفها حتى لا يستغلها أي حزب لخدمة مشروعه الانتخابي.