اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه. هذا هو الدعاء الذي يرفعه المسلمون عندما يشتد بهم البلاء وينزل فجأة. حتى وإن لم تصح نسبة هذا الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن عموم العلماء كانوا يدعون به، وفيه لفتة جميلة، هو أن قضاء الله مقدر ومادام لا سبيل إلى تفاديه فإن المسلم يدعو باللطف فيه، وهذا اللطف نوع من رد البلاء وصده. فعندما يقول بنكيران إن حزب العدالة والتنمية هبة من الله فإن في الأمر نوعا من الإشراك به، لأن لا أحد نص على أن هذا الذي أمامنا هبة من الله. غير أن هناك مؤشرات تدل على أن الشيء هبة من الله تحمل نعمة من نعمه أو أن الشيء نقمة من الله وغضبه، وهو القضاء الذي يستنزل لطف الله. وبكل المؤشرات فإن الحزب الإسلامي غضب الله علينا ونقمة وابتلاء كي نعرف نعمة عدم وجوده. فهل وجود هذا الحزب نعمة؟ وهل وجوده ضروري أساسا؟ بنكيران ومن معه يعتبرون وجودهم ضروريا بل إنهم عنصر أساسي في استقرار المغرب. طبعا هم عنصر أساسي ليس لأنهم حزب قوي ولكن لأنهم لم يقطعوا صلتهم بالمتطرفين الذين يبعثون لهم الرسائل المشفرة ويمكن استخدامهم في أية لحظة من اللحظات. بنكيران هبة من الله لأنه وجد المغاربة جوعى فأطعمهم وكفاهم شر المسغبة، ووجدهم عطشى فسقاهم، ووجدهم عاطلين فشغلهم، ووجدهم متخلفين فتقدم بهم إلى الأمام ووجدهم غير ديمقراطيين وحقق حلمهم بالدولة الديمقراطية. لا سبيل لنا في مواجهة كلام بنكيران سوى هذه الكوميديا السوداء. فحقيقة الأمر أن حزب العدالة والتنمية غضب من الله كي يمتحنا بوجود الإسلاميين في الحكم، حتى نعرف من زور الدين وحرفه ومن يلعب به لعبة الانتخابات ومن يتاجر باسم الله جلبا للمنافع والمكاسب، ومن يضحك على المواطن باسم الدين كي يمنحه صوته. إنها رشوة دينية. إذا لم يكن الحزب الحاكم هو الغضب نفسه فماذا يكون؟ حزب وعد فأخلف. وعد بتحقيق الإصلاحات فغرق في الفساد ووعد بالتشغيل فساهم في إغلاق المؤسسات وطرد العمال، ووعد برفع الأجور فزاد في الأسعار. ولنقف اليوم عند هذه الهبة لنفحصها بجد. حزب العدالة والتنمية يوم تولى الديبلوماسية وظفها لصالحه ولصالح التنظيم الدولي للإخوان المسلمين (الجماعة الإرهابية)، واستغل مؤسسات الدولة ليمرر مواقفه في الخارج، وكاد يتسبب في الكارثة لولا يقظة النواة الصلبة للدولة والتحرك الديبلوماسي الموازي الذي مسح خطايا الحزب. حزب العدالة والتنمية ومنذ تولى رئاسة الحكومة وهو يحل مشاكله عن طريق اللجوء إلى جيوب المواطنين. فأول هدية وزعها بنكيران على المغاربة هي الزيادة في أثمان المحروقات مع ما يتبع ذلك من غلاء قاتل. حزب العدالة والتنمية يتحرش بصندوق المقاصة في اتجاه لإلغائه بتاتا وهو الذي يدعم قوت المواطنين. إذا صدق الناس أن بنكيران وحزبه هبة من الله سيكفرون، لكن الحمد لله تأكدوا أنه من الغضب، وهم يرددون قوله تعالى "الذين إن أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون".