خيوط المؤامرة لا يمكن بأي حال من الأحوال استبعاد المؤامرة في قضية العفو عن دانيال كالفان الإسباني الذي اغتصب الأطفال المغاربة، ففي العديد من مراحل العفو تم التواطؤ سواء مباشرة أو بالصمت، وهناك أطراف عديدة كانت تسعى للاستفادة من هذه القضية من أجل تحقيق مكاسب سياسية ليس أقلها فك العزلة عن الحزب السياسي الذي وجد نفسه اليوم منفردا في سياق دولي عنوانه الكبير إسقاط حكومات الإسلاميين التي جاءت عبر صفقة الربيع العربي. طبعا لكل مدعى مؤشرات وقرائن وليس من الأخلاق إطلاق الكلام على عواهنه، ولكن لابد قبل توجيه الاتهام أو الشبهة من وجود قرائن تدل على ذلك. كان الاتهام سيبقى بعيدا عن الإخوان في العدالة والتنمية لو بقي أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، ساكتا، ولم يخرج ببيانه التاريخي الذي طالب فيه بإصلاح الملكية. ومعروف أن الريسوني يخرج ويتم إخراجه عندما يصل "السياسي" من الحركة الدعوية إلى الباب المسدود. فعندما خرج ليقول إنه على وزراء العدالة والتنمية الالتزام بالخطاب الديني في كل أحاديثهم فقد فهمنا أن بنكيران يقول : واش بغيتوني أنا اللي كندير السياسة ولا نخرج ليكم أولاد الحركة الدعوية؟ فالريسوني يخرج في لحظات محسوبة زمانا ومكانا، وهو بمثابة ساعي البريد الذي يرسله سياسيو الحركة الدعوية المنخرطون في حزب العدالة والتنمية. فما هي الرسالة إذن؟ الرسالة لا غبار عليها : تنازلوا أكثر كي نتغلغل أكثر. فهناك مسارات ختمها الريسوني بالدعوة إلى إصلاح الملكية التي في نظره هي المؤسسة الوحيدة التي لم تتطور. لقد كانت البداية من زعيم القوم عبد الإله بنكيران، الذي قال ذات يوم في غمرة النشوة بوجود إخوانه وفريقه البرلماني الغليظ العريض "راه الربيع العربي ما زال كيتسارى وتقدر ترشق ليه ويرجع"، وقلنا حينها لمن يتوجه ينكيران بالكلام؟ فغريمه السياسي السابق لم يعد يمارس السياسة إذا التحرش هو بالملك مباشرة. وهو ما عاد ليؤكد عليه أخيرا عندما قال : إما يتركونا في طريق الإصلاح، أي نفعل ما نريد، أو نقلبها خروجا للشارع. فمن يهدد بالشارع غير الملك؟ وما دام الشارع ليس طوع بنانه فلابد من خطة لذلك؟ الخطة تقتضي بشكل أو بآخر توريط الملكية في عفو خاطئ لا يقبله الشعب. ولو كان غير ذلك هو الصحيح لخرج الرميد مدافعا عن حقيقة الموضوع لا محاولا توريط الملك في العفو عن دانيال، ألم يقل الرميد إن العفو عن دانيال يدخل في إطار المصالح الإستراتيجية للمغرب؟ بمعنى أن المؤسسة الملكية هي المسؤولة عن الموضوع. ليخرج بعدها الفقيه الريسوني ليقول إن المؤسسة الملكية تعاني من الخلل. من كل ما سبق يتبين أن الريسوني كشف عن خيط من خيوط المؤامرة قادها أو ساهم فيها أو غض عنها الطرف من يريد للناس أن تخرج للشارع لأنه ليس من مصلحته الأمن والاستقرار بعد أن انفضح أمام الشعب.