الرجوع لله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ، وَلا يصخب، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ"، وفي رواية أخرى "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ولا يؤذي أحدا إن جهل عليه أحد أو آذاه فليقل إني صائم". وقال ابن حجر العسقلاني في كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري "ولا يصخب ) كذا للأكثر بالمهملة الساكنة بعدها خاء معجمة، ولبعضهم بالسين بدل الصاد وهو بمعناه)، والصخب الخصام والصياح، وقد تقدم أن المراد من النهي عن ذلك تأكيده حالة الصوم، وإلا فغير الصائم منهي عن ذلك أيضا" . ولرئيس الحكومة حاليا عبد الإله بنكيران الداعية سابقا جولات وصولات مع هذا الكتاب، ويعتبر إلى جانب كتب بن القيم الجوزية من أحب الكتب إليه وصرح بعشقه لهذا الأخير في برنامج "ميزونكور" الذي ينشطه حميد برادة، وكانت هذه الكتب معتمدة لديه في الدروس والمواعيظ التي كان يلقيها بمساجد الرباط وسلا دون أن ننسى ولعه بشيخ التكفير عبد الحليم بن تيمية الحراني صاحب أكبر موسوعة تكفيرية في تاريخ المسلمين. نذكر رئيس الحكومة بولعه بفتح الباري لنؤكد له أنه حتما مر أكثر من مرة على هذا الحديث، بل هنا تأكيد لا مجال للجدال فيه أنه ألقى مواعيظ في رمضان افتتحها بالحديث المذكور، وهو حديث قدسي بدايته "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به فإذا كان يوم صوم... "، وكان يطنب في شرح الحديث واستخلاص الدروس والعبر منه وتوجيه الرسائل لمستمعيه والعظات الأخلاقية يوجهها لمن يجلس أمامه مزهوا بكونه الداعية الذي يحترمه المغاربة احترامهم للدين نفسه. لكن يبدو أن بنكيران كان يوجه الدروس للآخرين ونسي نفسه. ولهذا نقول له : الرجوع لله. إن الطريقة التي ظهر بها مساء أول أمس في مجلس المستشارين جعلت الكثيرين يشككون في سلامة تدينه، وأظهرت أن الداعية يوجه كلامه للآخرين وينسى نفسه. ففي الحديث الشريف، الذي نصر على أن بنكيران شرحه أكثر من مرة في دروسه ومواعيظه، يتكلم بلغة الجزم "لا يرفث ولا يصخب"، و"لا" تتجه نحو النهي والتحريم، ومخالف هذا الفعل آثم شرعا. وجاء النهي عن الصخب في حالة العدوان عليك بالسب والشتم والمقاتلة، في حين أن رئيس حكومتنا الداعية السابق زعيم التنظيم الإسلامي "ترمضن" لوحده ومن تلقاء نفسه ولم يدفعه أحد لذلك، فكلمة رئيس المجلس التي تسببت في "تكشكيشة" بنكيران ليس فيها ما يجرح بل طلب منه الالتزام بموضوع الجلسة الشهرية احتراما للقانون الداخلي للمجلس. لكن صخب بنكيران وصراخه علا في الآفاق وسمع به القاصي والداني وهو لا يشرف المغاربة في شيء.