تسعى السلطات الجزائرية إلى طمأنة الرأي العام حول الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي, وقامت وسائل الإعلام الرسمية في هذا الإطار بنشر صور وشريط فيديو له على أمل التخفيف من حدة التساؤلات حول حقيقة وضعه الصحي. فقد نشرت وسائل الإعلام الجزائرية، أول أمس الأربعاء، للمرة الأولى صورا وشريط فيديو للرئيس الجزائري وهو في مستشفى عسكري في فرنسا. والتقطت الصور الأربع التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء عبد المالك سلال ورئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح للرئيس، الثلاثاء، وظهر فيها بوتفليقة جالسا مع الرجلين ومرتديا لباس نوم. وفي صورة ثانية ظهر بوتفليقة (76 عاما) يرتشف فنجان قهوة وفي أخرى وكأنه يتحدث مع الفريق قايد صالح, وبدا متمكنا من تحريك يده اليمنى. وظهر بوتفليقة في الصور على هيئات مختلفة, فمرة رأسه مرفوع ومرة رأسه منحن ومرة يده اليمنى على الطاولة ومرة يحمل بها فنجان القهوة وفي المساء بث التلفزيون الرسمي شريط فيديو يظهر فيه الرئيس بوتفليقة جالسا على كنبة وهو يتكلم مع محاوريه الاثنين. كما ظهر الرئيس وهو يرتشف فنجان قهوة ثم يمسح فمه بمنديل وبدا انه يحرك القسم الأعلى من جسده ورأسه بسهولة جهة اليمين أكثر منه لجهة اليسار. ولم يكن الشريط مرفقا بصوت وبالتالي لم يكن بالإمكان سماع صوت الرئيس الجزائري. وهي المرة الأولى التي يبث فيها شريط فيديو وصور للرئيس الجزائري منذ جنازة الرئيس السابق علي كافي في 17 ابريل. وهو نقل للعلاج في المستشفى العسكري فال دوغراس بباريس في 27 من الشهر نفسه. وكان أعلن، الثلاثاء، عن زيارة سلال وقايد صالح إلى الرئيس المريض في مستشفى ليزانفاليد بباريس. وجاءت هذه الزيارة بعد الحملة الإعلامية التي بدأتها السلطات منذ عدة أيام لتقديم الرئيس بوتفليقة على انه في فترة نقاهة ويستمر في تسيير شؤون الدولة التي يقودها منذ 14 سنة. وقال سلال ان بوتفليقة تحادث معه لمدة ساعتين في شؤون الدولة و"قد تجاوب بشكل جيد وان حالته الصحية تبدو جيدة". وجاء هذا التصريح بعد نشر بلاغ صحي للأطباء المرافقين حول صحة الرئيس أشاروا فيه ان بوتفليقة يواصل "فترة تأهيل وظيفي" بمستشفى ليزانفايد بالعاصمة الفرنسية "بغرض تدعيم التطور الايجابي لحالته الصحية". ويسخر المحلل السياسي رشيد تلمساني قائلا "النظام الجزائري لا يعتبر نفسه مجبرا على تقديم حسابات للشعب. هناك غياب تام للاتصال". وتعالت منذ أسابيع أصوات المعارضة المطالبة بتطبيق المادة 88 من الدستور وإعلان استحالة قيام الرئيس بمهامه, حتى يبدأ التحضير لمرحلة ما بعد بوتفليقة. وكان محمد مشاطي عضو مجموعة ال22 التي فجرت حرب تحرير الجزائر (1954-1962) من الاستعمار الفرنسي, Bخر من دعا الثلاثاء صراحة الجيش إلى "التحرك سريعا" لإنهاء أزمة مرض بوتفليقة. وتوجه مشاطي بصفة مباشرة إلى قيادة الجيش قائلا "انتم الذين اخترتم وفرضتم هذا الرجل (بوتفليقة) وأعلنتموه فائزا في الانتخابات ثم أعدتم انتخابه, زورا وبوقاحة (...) اليوم وهذا الرئيس مريض, الدولة بأكملها متأثرة بذلك, وهذه نتائج تصرفات دكتاتورية ومستبدة لسلطته". وأضاف مشاطي "أن شجاعتكم ووطنيتكم التي لا نشك فيها يجب ان تدفعكم للتحرك سريعا, لان ذلك يتعلق ببقاء بلدنا, وسيكون الجزائريون ممتنين لكم". وأدت إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية في 27 ابريل "إلى خلط أوراق الولاية الرابعة, وأصبح الرهان الأساسي هو ربح الوقت والبحث عن إجماع بين القوى الضاغطة حول رجل (الرئيس القادم) يعزز الوضع القائم" بحسب تلمساني. وأضاف انه في مرحلة ثانية سيأتي الحديث عن "المانع" للإسراع في انتخاب خليفة بوتفليقة أو الإبقاء عليه إلى نهاية ولايته وتنظيم انتخابات رئاسية في ابريل ,2014 وهو ما يفسر الصراع الذي نشاهده عبر الصحف. وبالنسبة لتلمساني فان "نظام فرض الرؤساء لم يتغير : المؤسسة الأمنية هي التي تقرر". اما الضابط السابق في جهاز المخابرات والمحلل السياسي شفيق مصباح فقال "من الضروري تفعيل المادة 88". وأضاف "الحفاظ على الوضع القائم حتى 2014 غير ممكن برأيي, فلا يمكن استغباء المواطنين" في إشارة إلى الأخبار المطمئنة التي تنشرها المصادر الرسمية. وتنص المادة 88 من دستور 2008 على أنه " إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن, يجتمع المجلس الدستوري وجوبا(...) ويقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع". وتضيف المادة "ي عل ن البرلمان, المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا, ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي (2/3 ) أعضائه, ويكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها خمسة وأربعون (45) يوما رئيس مجلس الأمة" وهو حاليا عبد القادر بن صالح (70 سنة). وتختتم المادة "وفي حالة استمرار المانع بعد انقضاء خمسة وأربعين (45) يوما, يعلن الشعور بالاستقالة وجوبا"، ويتولى بن صالح الرئاسة لمدة أقصاها ستين يوما يتم خلالها تنظيم انتخابات رئاسية دون ان يكون له الحق الترشح لها.