ما الذي يجمع بين حركة ذات مطالب ديمقراطية وحركة السلفية الجهادية؟ ما الذي يجمع بين تيارات تدعو للحداثة وتيارات تدعو للفكر الواحد والمتطرف؟ ألم تقتنع حركة 20 فبراير بأنها أصبحت مطية لكل ذي مطلب حتى لو كان مطلبه ضد الجميع؟ لكن لماذا كل هذا الرهان على الخروج في جمع لا يجمع بينه أصل ولا فصل ولا مطلب؟ كيف تلتقي العدل والإحسان صاحبة دولة الخلافة مع السلفية الجهادية مع حركة 20 فبراير التي تضم يساريين وحركة مالي؟ فليس المطلب الديمقراطي هو من يجمع هؤلاء. ولكن يجمع بينهم صناعة الفوضى في المجتمع. فماذا الجميع يتلقي في مطلب واحد فلا بأس بالالتقاء عند هذه النقطة، فما يفرق بين هذه الأطراف أكثر مما يجمع بينها. فالسلفية الجهادية لا تؤمن أصلا بالعمل المدني ولا تتبناه كمنهج في التغيير بل هي تؤمن بنشر الفكر المتطرف كإيديولوجية وبالأحزمة الناسفة كمنهج للعمل، وإذا ما تخلت عنه في لحظة من اللحظات فهو فقط انحناء للعاصفة حتى تمر لتقف من جديد مهددة ومتوعدة. فالسلفية الجهادية التي لا تؤمن بالديمقراطية عمدت إلى استمالة حركة 20 فبراير وسمتها الحركة المباركة كي تتبنى ملفها وكان الجزاء أوفى فما إن خرج محمد الفيزازي، أحد شيوخها الأشاوس، حتى أعلن ضرورة تصفية حركة 20 فبراير من الزنادقة والملاحدة وسيكون موقفه أصلب من حركة مالي التي دعت إلى الإفطار العلني في رمضان وربما لن يقول بتطبيق القانون ولكن حد الردة في حقهم. وشعرت السلفية الجهادية بعدم الارتياح من هذه التصريحات لأنها خلقت بينها وبين 20 فبراير خصومة وعداوة لا يجوز أن تتم في وقت هم في حاجة إلى شباب يطالب بكل شيء، وخلق الفيزازي توترا بين أعضاء حركة 20 فبراير. لكن ما إن سيطرت جماعة العدل والإحسان على حركة الشباب وحورت مطالبه حتى استعادت السلفية الجهادية أنفاسها ووجدت في حركة عبد السلام ياسين التي تعاديها ملجأ وملاذا واعترفت الجماعة في ثنايا بياناتها أنها كانت الحركة الأقوى في الوقفة التي تم تنظيمها أمام المقر العام للإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني والتي كان مخططا لها أن تتحول إلى اقتحام لمقر إداري لمؤسسة عمومية. إن العدل والإحسان التي تدعو إلى دولة الخلافة والسلفية الجهادية التي تنادي بالجهاد ضد دولة الكفرة يلتقيان في مسمى الدعوة للإسلام ولا يلتقيان بتاتا مع شباب حركة 20 فبراير إلا في كون حركة الشباب البعير الذي يركبه ياسين وشيوخ السلفية الجهادية للمرور إلى الأهداف والمرامي العلنية والخفية.