خلق حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال الاستثناء خلال تظاهرات فاتح ماي التي أقيمت يوم الأربعاء الماضي، حيث قرر الاحتفال هذه السنة بشارع النصر في الرباط وسط حشود استقلالية تجاوزت 30 ألف مشارك حجوا من كل ربوع المملكة، لإعلان الجهاد ضد حكومة بنكيران، ومن أجل تغيير ما اعتبره شباط منكرا يتهدد المغاربة، وكان لافتا أن شباط يسعى إلى توجيه الرسائل إلى حزب العدالة والتنمية ورئيسها عبد الإله بنكيران. أولى هذه الرسائل، أن كل المغاربة مسلمون ولا يمكن لأي حزب أو جهة أن تزايد على المغاربة في إسلامهم، لذلك استعمل لغة التكبير، ووظف آيات قرآنية وأحاديث نبوية، وأعلن استعداده تقديم النصيحة لبنكيران إن كان الأخير مسلما حقيقة. ثاني الرسائل، أن حزب الاستقلال حزب وطني قاد الحركة التحررية في المغرب، وناضل من أجل وحدته الترابية، من هنا نفهم السر وراء اختيار شارع النصر، بل إن احتفالات الحزب تخللتها أهازيج وأغاني تتغنى بالصحراء المغربية، فردد كل الاستقلاليين أغنية العيون عينيا، ولبس شباط اللباس الصحراوي، وقال لبنكيران، إن الاستقلاليين وطنيون بالفطرة، وليسوا مناضلي آخر ساعة. أما ثالث الرسائل التي قدمها شباط لبنكيران، كشفه عن التماسيح التي أطلقها بنكيران في فضاء السياسة المغربية، حيث قال شباط إن التماسيح موجودين في حكومة بنكيران، وهي تشكل نصفها، في إشارة إلى وزراء العدالة والتنمية، بل أكثر من ذلك رفع مجسمات لتماسيح وعفاريت وأطلق العنان لتهديداته بتغيير المنكر، الذي ترعاه حكومة بنكيران، وبدا واضحا أن شباط لم يكن يريد تفويت فرصة تجمع الاستقلاليين، دون أن يحذر بنكيران من الزحف القادم للمغاربة، خصوصا وهو يدعو الشعب إلى البقاء يقظا هذه السنة، لمواجهة فساد الحكومة، وتبعات قراراتها الخاطئة واللاشعبية، وفي لجة الانتقادات التي وجهها شباط لغريمه في الأغلبية، أكد أنه لن يغادر الحكومة، ليس حبا في بنكيران بطبيعة الحال، ولكن حتى يحمي المغاربة من تجبر وهيمنة الفكر الوحيد والحزب الوحيد، وسرد شباط مجموعة من اللاءات، في وجه رئيس الحكومة، محذرا إياه من أي مساس بالقدرة الشرائية للمغاربة، أو الزيادة في الأسعار. وأوضح شباط لتجمع الاستقلاليين الذي كان يمثل كل جهات المملكة من طنجة إلى لكويرة، أن وجود حزب "الاستقلال" داخل الحكومة هو وجود من أجل المراقبة والملاحظة والدفاع عن المكتسبات والأهم من ذلك توجيه النصح لأن الدين النصيحة. رسائل شباط لم تقف عند هذا الحد، بل تعدى الأمر إلى إعطاء الدروس لبنكيران في تدبير الشأن العام، حين دعاه إلى التجرد من حزبيته والاصطفاف إلى جانب الشعب، وقال له، إن رجل الدولة يجب أن يكون بعيدا عن الحساسيات السياسية، في إشارة إلى الظهور المتكرر لبنكيران في أنشطة حزبه، وعدم التفريق بين مهمته رئيسا للحكومة وأمينا عاما للحزب، وهو ما جعل الأمور تختلط، على المواطن المغربي. بل اتهمه بالطغيان والسعي إلى فرض هيمنة الحزب الوحيد والفكر الوحيد، قبل أن يدعوه إلى التقاط رسائل التجمع الذي نظمته نقابة حزبه، خاصة ممن وصفهم شباط "المغضوب عليهم ولا الضَّالين" والذين لا يمكن أن يكونوا سوى وزراء العدالة والتنمية وفي مقدمتهم رئيسهم، وطالب القيادي الاستقلالي من بنكيران أن يكون ابن هذا الشعب ومن أجل الشعب لا أن يكون رئيس حزب سياسي.