الأغلبية الحكومية لم تعد منسجمة. وما قاله بنكيران في وقت سابق لا أساس له من الصحة. حيث أكد وهو يبتسم بطريقته المعهودة أو يقهقه أنه لا توجد خلافات وسط التحالف الحكومي. ولن ينوب أحد في التأكيد على أن أحزاب الأغلبية مستاءة من طريقة تدبير بنكيران للشأن العام. فحزب الاستقلال والحركة الشعبية غاضبان من بنكيران. فهل سينصت لهما رئيس الحكومة وزعيم الأغلبية أم سيعتبرهما أيضا من الأشباح والتماسيح والعفاريت والفلول؟ وهل الأغلبية ما زالت موجودة أم أنها مجرد اسم لبقاء الحكومة مستمرة في مهامها؟ لقد كان حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، واضحا عندما برأ ذمة حزبه من الزيادات في أسعار المحروقات، كما رفض الحزب الزيادة في أسعار الماء والكهرباء، كما رفض الإجراءات المضطربة لبنكيران. والموقف نفسه عبر عنه حزب الحركة الشعبية في اجتماع المكتب السياسي مع فريقي الحزب في البرلمان، والذي طالب بتوضيح الوضعية الاقتصادية وعدم التلاعب بقوت الفقراء. وبينما كانت أحزاب الأغلبية تنتظر اجتماعا للتحالف الحكومي لاتخاذ قرار فيما يخص الرؤية الاقتصادية للحكومة كان بنكيران قد بعث لوزرائه دورية وزارية ملزمة تقضي بخفض ميزانيات الاستثمار، وهو القرار الذي لا محالة ستكون له تبعات خطيرة على التماسك الاجتماعي والاستقرار الأسري، وسيؤدي إلى تشريد مئات الآلاف من العمال وهم بدورهم يعيلون أسرا كثيرة. أعلنت أحزاب الأغلبية المهمة، الاستقلال والحركة، عن عدم اتفاقها على الجرأة التي أعلنها بنكيران على كل ما هو اجتماعي، إلى درجة أن بنكيران وقف عاجزا عن فعل أي شيء باستثناء ضرب ما هو اجتماعي، إلى درجة لم يعد معها الموضوع مجرد عدم فهم بنكيران للموضوع وجدته على الحكومة ولكن بدا أن الأمر يتعلق بمؤامرة ضد البلد شعارها "الربيع العربي ما زال كيتسارى وتقدر ترشق ليه ويرجع" و"أن الدولة فقدت بريقها والحكومة عاجزة" وهو كله كلام قاله قادة في الحزب الحاكم. ما هو الحل الآن؟ ما هو دور رئاسة الأغلبية إن لم تكن قادرة على اتخاذ موقف من هذه النازلة؟ هل التحالف الحكومي على حافة الانهيار؟ هل سينصت بنكيران لصوت الأغلبية أم سيتسمر في اتخاذ القرارات الانفرادية؟ الأحزاب التي عبرت عن رفضها لقرارات بنكيران وتبرأت منها تشكل كتلة تفوق النصف داخل الأغلبية الحكومية. بما يعني أن بنكيران يمثل أقلية وسط أحزاب الأغلبية، وبما أن حزب التقدم والاشتراكية لم يعبر بعد عن موقفه ومهما كان فإن قرارات بنكيران تعبر عن أقلية وسط الأغلبية حتى بمعيار أصوات الناخبين. وبالتالي فإن قمة الدكتاتورية هي التي تمارس اليوم باسم الديمقراطية والشرعية الشعبية التي لم تتجاوز مليونا و80 ألف صوت. فإلى أي حد ستبقى أحزاب الأغلبية مغلوبة على أمرها أمام ديكتاتورية بنكيران؟