توفي فجر أمس الخميس مرشد جماعة العدل والإحسان عبد السلام ياسين عن سن تناهز 84 سنة، بعد نزلة بارد حادة أدخلته في غيبوبة دامت ثلاثة أيام. وسيشيع جثمان مرشد الجماعة اليوم الجمعة بعد صلاة الجمعة من مسجد السنة بالرباط. وكانت أخبار وفاة عبد السلام ياسين تواثرت منذ أيام حيث ظلت الجماعة تنفي خبر وفاته وتؤكد أن الأمر يتعلق بنزلة برد حادة. ووفق مصادر من داخل الجماعة فقد تم تكليف نائب المرشد العام محمد العبادي بتدبير شؤون الجماعة وفق تنظيمات الحزب. وبحسب ما هو منصوص عليه في المنهاج، حيث سيدبر العبادي شؤون الجماعة لمدة شهرين. وقال الأستاذ محمد ظريف الباحث في الشؤون الإسلامية إن موت عبد السلام ياسين لن يكون له أي تأثير على الجانب التنظيمي للجماعة بالنظر إلى قوة هذا التنظيم وتغلغله. وأشار ظريف في اتصال هاتفي أجرته معه النهار المغربية، إن تجارب الإسلاميين بشكل عام في العالم العربي أثبتت عدم صحة التفاسير التي تذهب إلى أن الجماعة ستؤول إلى الزوال بمجرد وفاة زعيمها، موضحا أن كل الجماعات الإسلامية استمرت بل وشكلت في لحظة من اللحظات قوة مؤثرة في المجتمع. وأشار ظريف، إن العدل والإحسان تستمد قوتها من هياكلها التنظيمية، مشددا على أن عبد السلام ياسين يظل المؤسس الذي أشرف على بلورة المعالم الكبرى وعلى تطور البناء التنظيمي، موضحا استحالة اختزال الجماعة في شخص واحد مهما كانت قوة حضوره. وتوقع ظريف أن تستمر الجماعة في نفس مواقفها السابقة، مشيرا إلى أن كل المواقف التي ستقدم عليها الجماعة ستكون استمرارا لما سبق، مع اعتماد مبدإ التطور النوعي الذي عرفته الجماعة، خاصة في علاقتها بالدولة وبالأجهزة الرسمية. وشدد ظريف على أن المرشد العام لا بد أن تتوفر فيه مجموعة من المواصفات التي تم تحديدها بدقة في المنهاج، مشددا على أن قوة الجماعة في قوة تنظيماتها، كما أن القيادة الجديدة لابد أن تقدم رؤيتها للأوضاع العامة مع عدم الانسلاخ عن مبادئ الجماعة وثوابتها الراسخة، والتي تتأسس على نبذ العنف، مع الاستمرار في انتقاد الأوضاع الاجتماعية والسياسية الراهنة. وأضاف ظريف أن أكبر تحد يواجه القيادة الجديدة هو تجاوز كاريزما الشيخ ياسين، وقال في هذا الصدد إنه من الممكن خلافة ياسين لكن لا يمكن تعويضه. واستبعد ظريف إمكانية حدوث أي صراع حول الخلافة، كما استبعد وجود وصية في هذا الشأن، وقال ضريف "عمليا محمد العبادي يقوم مقام عبد السلام ياسين، وهو ما يمنحه الأسبقية، مقارنة مع القيادات الأخرى"، موضحا أن عبد الواحد المتوكل متورط في السياسي، والمرشد العام للجماعة لا يجب أن يكون متورطا في السياسة. وأوضح ضريف أن الجماعة من منطلق طبيعة هيكلتها لن تعرف تغييرات في المرحلة المقبلة، وإذا حدثت تغييرات فإنها ستكون على المدى المتوسط شريطة أن تكون هناك إرادة حقيقية نحو التغيير. من جانبه قال الصحافي عبد الحميد الجماهري، إن ما بعد عبد السلام ياسين سيختلف كثيرا، خصوصا أنه ظل يشكل دائرة التقاء الروحي بالسياسي، مشددا على أن الشيخ ياسين فرض على الجماعة نوعا من الكاريزما التي ارتبطت به شخصيا، مؤكدا أن معضلة الجماعة اليوم تتمثل في ربط الديني بالدنيوي، حيث أكد الجماهري استحالة أن تلعب شخصية أخرى الدور الذي كان يلعبه ياسين. وأشار الجماهري إلى أن الجماعة سيكون عليها تدبير المرحلة المقبلة وفق حضورها في الساحة، إذ أنها ستكون في مواجهة عنصرين أساسيين الأول هو تيار السلفية الجهادية بكل ما يمثله من فكر جهادي يصل في بعض الأحيان حد التطرف، ثم العدالة والتنمية التي اختارت الانخراط في حركية المجتمع، موضحا أن الصراع اليوم هو حول من سيقود الحقل الديني، مشددا على أن رجل الحسم داخل الجماعة غير موجود، كما أن الصراع سيكون ثنائيا بين الجناح الديني من جهة والجناح السياسي، قبل أن يضيف أن الكل بات متساويا وليس هناك من بإمكانه فرض كاريزميته، إضافة إلى مشكل آخر سيطرح نفسه بحدة اليوم، ويتمثل في علاقة الجماعة بباقي الأطراف خاصة الدولة.