حقيقة في كل مرة نحاول أن نقرأ وجه وتوجه الحكومة الحالية التي أسند إليها تسيير الشأن العام، لا نجد لها ملامح ولا أسارير واضحة غير العبث، ففيها اليمين في الوسط والوسط في اليسار واليسار في اليمين وهي الأغلبية والمعارضة في الوقت نفسه والخلاصة هي حكومة مثل قارئ القرآن على المقابر يغمض عينيه ويتلو ما تيسر من آيات الذكر الحكيم دون أن يفهم شرح ولو آية واحدة، فكل همه أن يكون هناك موتى كثر مثله مثل حْفار القبور، وهذا التشبيه هو أقرب إلى سياسة هذه الحكومة، إن كان لها أصلا سياسة. حتى بدأنا نسمع مثلا أن المعارضة والأغلبية ضد قانون المالية وأن الوزارة التي أشرفت على إعداده هي نفسها برأسين رأس يقول (كذا) والرأس الآخر يفعل (كذا) ولم نعد نعرف من نصدِّق ولا من يقول الحق ومن ينافق. وهنا تحضرني أغنية للمطربة الرائعة فيروز التي تقول في إحدى مقاطعها "شو ها الأيام لِّي وصلنا لك"، وهو ما يترجمه المغاربة بكلامهم الدارج ب"الشوهة" ليعبروا عن فضيحة عارية لم تجد من يستر عورتها. أي بلغة إخواننا في مصر، فضيحة ب"جلاجل" لا يمكن حجبها بأوراق التوت أو الذهاب لزيارة مقام النبي (ص) أو بزيارة البرلمان الأوروبي لتقديم شكوى من هناك بأن "العفاريت" في المغرب تستهدف حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة. وإلى أين؟ الله أعلم. هذه الحكومة؛ التي استعملت كل مساحيق التجميل على "وجهها المشروك" من السواك الإسلاموي، إلى "العكر الفاسي" الذي هدد شباط بقطعه عنها، والإطاحة برئيسها عبد الإله بنكيران الذي أصبح يهون عليه السقوط من جبل توبقال ولا السقوط من كرسي الرئاسة، دون أن ننسى بطبيعة الحال العكر الشيوعي الذي أفسده الدهر؛ لم تجد من وسيلة لتغطية عجزها وفشلها في تسيير الشأن العام أفضل من تعرية المغاربة البسطاء في مشروع قانونها المالي وسن ضرائب جديدة على جيوبهم المثقوبة في الأصل والفصل. وهنا لا يسعنا إلا أن نردد مع فيروز "شو ها الأيام لِّي وصلنا لك". يقع كل هذا خلال أقل من سنة من حكم بنكيران أما إذا استمر في موقعه لما تبقى من السنوات فلا نعتقد أن هذه الشريحة الكبيرة من المغاربة البسطاء ستجد ما تنقي به أسنانها. لأن رئيس الحكومة سيعطف عليها وسيعانقها بحرارة نابعة من زيادات أخرى في المحروقات وما يتبع ذلك من زيادات في المواد الاستهلاكية (وها وجهي وها وجاهكم).