حين قرأت، مؤخرا، خبر تعرض الشاعر التونسي أحمد أولاد الصغير، لاعتداء فظيع على يد عصابة متشددة تنتمي لنظام الغنوشي الذي يحكم حاليا "تونس الزيتونة" تساءلت عما يمكن أن يفعله، أو قد فعله هذا الشاعر المتميز، البالغ من العمر 70 سنة وهو الذي قضى الجزء الأكبر مما مضى من عمره، يكتب قصائد عن "الإنسان والحب..." وهو صاحب البيت الشعري الذي يقول فيه : "الوردة فيها كل الألوان إلا الأسود في الإنسان".. تساءلت لماذا قام هؤلاء الجبناء أصحاب اللحي المتعطشة للدم والمستعدة لأن تكون" فئران تجارب" تحمل أحزمة ناسفة، لتفجير أي مشروع تغيير مجتمعي نحو الأفضل، ليظل العقل العربي مرهونا ب"كان وأخواتها"... تساءلت بالرغم من"غباء السؤال" لأن هؤلاء الجبناء، (امتداد) لليد التي غرست سكين الغدر في رقبة الكاتب العالمي "نجيب محفوظ" وهم من أصدروا فتاوى تهدر دم الكثير من الكتاب والمفكرين ومنهم المفكر العربي "فرج فودة "و(هم) الآن يحاكمون الممثل النجم عادل إمام ... و(هم) أيضا، امتداد لجماعات وفصائل تقطن ببلادنا، وتنام في خلايا أحزاب، سلفية ووهابية تحمل المشروع نفسه للسيطرة على منابع الفكر والثقافة والإعلام، لضمان استمرارية "الحاكم بأمر الله". بالأمس تصفحت بعض المواقع "الإليكترونية " فلفت انتباهي أحد رواد الفايسبوك، الذي يبدو أنه تابع أشغال المؤتمر الأخير لاتحاد كتاب المغرب، من زاوية نظر فيها كثير من (عمش وغبش) متطرف على العين. كتب على صفحته في العالم الافتراضي، أن الكثير من مثقفي هذه المنظمة (ملاحدة) والبعض المتبقى، حسب قوله، "ثقافتهم الدينية بالكاد لا تتجاوز حدود الشبهات" و"وهم عن آيات الله غافلون". طبعا ما قاله هذا الشاب "الفيسبوكي" ليس وليد ذاته، بل هو خريج مدرسة أو لايزال يتابع دراسته على يد أساتذة التكفير وتحجير العقل ببلادنا لإعداده، ربما، في المؤتمر القادم ليقود اتحاد كتاب المغرب، ويرمي بكل أعضاء هذه المؤسسة الثقافية، الذين اتهمهم ب"الإلحاد" إلى (جهنم). وهذا التيار القادم هو ما أشار إليه، من جهة أخرى، بعض الكتاب المغاربة أعضاء الاتحاد، في تصريحاتهم ل"النهار المغربية" من خطر"خونجة" اتحاد كتاب المغرب، بعد حديثهم عن قدوم، ما تبقى من اللجنة التحضيرية، التي انطلقت في شهر مارس ب34 عضوا لتنتهي بأربعة أفراد (قدومهم) بتغيير فقرات من الورقة الثقافية بأخرى، محاباة لحزب" المصباح ". طبعا، مرة أخرى، نحن في هذا المقام لانسيء الظن بأحد، كما لا نريد أن تتحول هذه المؤسسة التي شيدها خيرة أبناء هذا الوطن طوال خمسين سنة من أمثال محمد الحبابي وعبد الكريم غلاب واليابوري وبرادة ... إلى "دار فتاوى" تروج لكتب تفقير الفكر وتكفير الإبداع، كما يحصل الآن في تونس ومصر وغيرهما من الدول العربية حيث يعشش التطرف باسم إسلام ما أنزل الله به من سلطان.