منح عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، مساحة واسعة للوزارات في اختيار المرشحين للمناصب العليا في إطار تفعيل القانون المتعلق بالتعيين في المناصب السامية، لكن استأثر في النهاية في الحسم في المرشح المختار للمهمة، أي أنه سمح لنفسه في آخر المطاف بأن يكون هو من يعين لا غيره، خصوصا وأن لجان الانتقاء يلفها غموض كبير. حيث نص مقرر لرئيس الحكومة على أن لجان الانتقاء تتشكل من ثلاث قطاعات حكومية تضم ممثلا عن رئاسة الحكومة (أي من اختيار بنكيران) وممثلا عن وزارة الوظيفة العمومية وممثلا عن السلطة الحكومية المكلفة بالقطاع وشخصيتان مشهود لهما بالخبرة في الميادين المرتبطة بالمنصب المراد شغله دون أن يحدد طريقة اختيارهما مما يجعلهما تحت سلطة رئيس الحكومة الذي سيتوفر على الأغلبية في كل لجنة يتم تشكيلها. وكان وزير الوظيفة العمومية، عبد العظيم الكروج، قد أكد أثناء عرض مشروع القانون التنظيمي أن مقتضيات الدستور الجديد تسمح للحكومة في التداول في 1181 منصبا من المناصب العليا في المؤسسات العمومية والمقاولات الاستراتيجية على عكس دستور 96 الذي لا يسمح للحكومة بالتداول إلا في 17 وظيفة سامية. وأشار إلى أن المشروع يكتسي دلالة سياسية مهمة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ المغرب، باعتباره أول مشروع قانون تنظيمي يعرض على البرلمان من قبل الحكومة الحالية، ويشكل لبنة أولية في مسلسل بناء أسس الحكامة الجيدة. ويأتي القانون التنظيمي في إطار تطبيق أحكام الفصلين 49 و92 من الدستور باعتباره المدخل الرئيسي لتكريس مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة والفعالية في التدبير العمومي القائم على النتائج. ويتضمن نص القانون التنظيمي ست مواد تتعلق بمبادئ ومعايير التعيين في المناصب العليا واقتراح المترشحات والمترشحين لشغل هذه الوظائف، بالإضافة إلى ملحقين يتضمنان لائحة بالمؤسسات والمقاولات العمومية الإستراتيجية ولائحة بتتميم الوظائف التي يتم التداول بشأنها في مجلس الحكومة. ويحدد القانون الاعتبارات المتخذة لوضع لائحة المؤسسات والمقاولات العمومية الإستراتيجية التي يتم تعيين مسؤوليها بعد المداولة في المجلس الوزاري بناء على اقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني٬ بالإضافة إلى التمييز بين مسطرة التعيين في هذه المؤسسات. ويفصل القانون التنظيمي بين المؤسسات العمومية الإستراتيجية التي يعين الملك في وظائفها السامية بظهير، وبين المؤسسات الأخرى التي يعود التعيين فيها لرئيس الحكومة بمرسوم، بعد المداولة في المجلس الوزاري وبناء على اقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني.