صدق عبد الإله بنكيران مجموعة الطبالجية الذين تبعوه كالجوقة بمعزوفاتهم الرديئة وظن ظن السوء وأنه يسير في الطريق الصحيح، ولم تكن ممارسات الطبالجية سوى نفخ في ريش بنكيران الذي أصبح مزهوا بما يكتب عنه في الصحف رغم أن العديد من المقالات كانت موجهة من أجل تحقيق أغراض معينة، وكنا في "النهار المغربية" ممن شن حملة شرسة ضد بنكيران، وفهمها بسوء نية واعتبرها موجهة وهاجم الجريدة بالسر والعلن وأعلنها واضحة يوم فاتح ماي. لكن ما لم يفهمه بنكيران هو أننا رغم الشراسة التي ميزت انتقادنا له كنا نقدم له نصائح من ذهب لو اتبعها لكانت اليوم الحكومة في شأن آخر. كنا أول من نبه بنكيران إلى أنه مازال يتصرف تصرف رجل السياسة أو بالأحرى رجل الدعوة وهذا لا يليق بزعيم حزب وصل إلى رئاسة الحكومة، فلكل مقام مقال ولكل حادث حديث، لأن رئيس الحكومة مفروض فيه أن يكون رجل دولة بما يتطلب ذلك من وضع مسافات بين ممارسات اليوم وممارسات الأمس، وبين سلوكات الحزبي الذي يرغب في جلب أصوات الناخبين وبين سلوكات الحكومي الذي ينبغي أن يحقق منجزات واقعية ومشاريع حقيقية. ونبهنا بنكيران إلى أن الشعبوية قاتلة وعليه أن يلتزم بنوع من العقلانية في الخطاب، لأن استعمال الخطاب العاطفي الممزوج بالنص الديني قادر على منحك أصواتا إضافية لكنه لن يمنحك فرصة لمراجعة أفكارك وتعديل برنامجك وصياغته صياغة علمية قابلة للإنجاز والتنفيذ على أرض الواقع. وقلنا لبنكيران إن المهم ليس هو ركوب سيارة الكونجو وأكل البيصارة وحديث الجدات ولكن المهم هو ما يتم القيام به والقيام من أجله، ولا نريد وزيرا كادحا ولكن وزيرا مرتاحا لا يفكر في شؤون بيته الذي تتكفل الدولة به ولكن يهتم فقط بالقطاع الذي يسير. فلما انتهت سبعة أيام من الباكور عاد الوزراء إلى الاستمتاع بالوزارة لكن يتحولوا إلى وزراء حقيقيين. وأكدنا لبنكيران أن مفهومه للثروة خاطئ حيث يتكلم عن التوزيع دون الحديث عن الإنتاج مما قد يقود إلى كارثة، لا قدر الله، وقلنا له إن الحديث عن التوزيع العادل للثروة يكون دائما مصحوبا بالإنتاج العادل للثروة، أما إذا سارت الأمور بالطريقة التي يريدها بنكيران فإن الأمر سيصل إلى انتكاسة مالية خطيرة لأنه سيتصرف في الرأسمال العام للدولة. وها هو بنكيران يقف على صدق تحليلنا وصدق كلامنا. ولو استمع إلينا بحسن نية لكنا له خير الناصحين لأن هذه الجريدة بالنتيجة هي جريدة وطنية ولا يمكن أن تلعب بالنار بل حريصة على الاستقرار. وقلنا لبنكيران إن محاولات التحكم والهيمنة التي يحاول ممارستها عن طريق وسائل الدولة لن تضمن الاستقرار بل ستنتج الفوضى التي لا حدود لها، وقلنا له ليس من اللائق الاستقواء بالأغلبية العددية فإنها لا تغني عن المقاربة التشاركية نفعا بالنظر إلى حجم الأصوات التي حصدها في الانتخابات والتي لم تتجاوز مليونا و80 ألف صوت. لكن بنكيران لا ينصت إلا للطبالجية وتبع الجوقة حتى وجد نفسه قريبا من السقوط وبتعبير المغاربة "شاف الربيع ما شاف الحافة".