رغم أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام القديم الجديد لحزب العدالة والتنمية، رجل يحب الشعبوية حد الهيام فإنه يفضل بعث رسائل مشفرة إلى من يهمهم الأمر. فمعروف عن بنكيران أنه يقول كل ما يفكر فيه وما يؤمن به. وهذه ليست حقيقة ثابتة فبنكيران ولمن لا يعرفه له وجوه كثيرة. فمن تاريخ بنكيران أنه كان ينتقد عبد الكريم مطيع وينسق معه ولهذا لا ينبغي أن نثق فيما يقوله، فربما يقول إنه يحب شخصا أكثر من الآخرين وهو يكن له العداوة ويستبطن المؤامرة. ومن هذا المنطلق نقرأ الرسائل المشفرة التي حاول بنكيران أن يبعثها عبر المؤتمر الوطني السابع الذي أعيد فيه انتخابه أمينا عاما بعد أن بهدل رفيقه سعد الدين العثماني وللمرة الثانية، وهي رسائل عديدة، غير أنها ليست من مصدر يمكن اعتباره حزبا حاكما ولكن رسائل من تنظيم ليست الحكومة بالنسبة إليه إلا محطة من محطات أخرى. فقد استقبل مؤتمر العدالة والتنمية الناشطة اليمنية توكل كرمان، وهي مناضلة فيسبوكية على الطريقة الأمريكية في صناعة الزعامات المتحكم فيها، فلم تكن توكل لا في العير ولا في النفير ولكنها ناشطة بسيطة وتم منحها جائزة نوبل للسلام رغم أنه لا أحد من العالم سمع بدعمها لجهود السلام في العالم ولم تكن من قبل معروفة حتى في اليمن، ولكنها طريقة ذكية لصناعة الزعامات التي تكون طوع اليد. وفضل بنكيران أن يمنحها الوقت الكافي لتتحدث عن المغرب وهي تجهل حقيقة اليمن وسياساته ومحيطه الجيوسياسي، ولا يمكن لبنكيران أن يضيع وقتا من مؤتمر حزبه لو لم يكن هناك هدف واضح من ذلك. فالأول هو رسالة للأمريكان حتى لا ينزعوا رضاهم وعطفهم عن حكومة الإسلاميين التي تحظى بدعم أمريكي في كل مكان من العالم العربي والإسلامي، خصوصا أنه خشي من ضجرهم بعدما رفض السفير الأمريكي حضور مؤتمر العدالة والتنمية احتجاجا على حضور خالد مشعل الذي حرص بنكيران على أن يجلسه جنب عزام الأحمد القيادي في حركة فتح والمقرب من محمود عباس الرئيس الفلسطيني. والرسالة الثانية موجهة للمغاربة، فباعتبار توكل صنيعة فايسبوكية أمريكية فإن هناك قدرة متوفرة على صناعات من هذا النوع ويمكن أن تتم صناعة زعيم من داخل حركة 20 فبراير أو من غيرها من الحركات، واستقبال توكل مغازلة فاحشة لخصومه من رواد الشارع، وهي تأكيد الكلام الذي قاله سابقا "راه الربيع العربي مازال كيتسارى ويقدر ترشق ليه ويرجع". لقد شكل حضور مؤتمر بنكيران من الضيوف سابقة هي الأولى من نوعها، فقد استقبل ناشطة مجهولة صنعتها أمريكا واستقبل خالد مشعل من حركة حماس التي ليست سوى فرعا للإخوان المسلمين بفلسطين، وزين مقدمة حضوره بشيوخ السلفية الجهادية. لو لم يكن حزب العدالة والتنمية في الحكومة لما تساءلنا عن نوع الحضور ولكن وبما أنه هو الحزب "الحاكم بأمره" فغير مقبول منه ذلك.