منذ شهر تقريبا، كتبت "النهار المغربية" في رأس صفحتها الأولى، محذرة المغاربة، من إعصار رفع الأسعار، سوف يجتاح بلادنا، قبل شهر رمضان الفضيل؛ وركّزت بالخصوص على المحروقات، والمواد الغذائية. لما قرأ أحدهم هذا الخبر، وكانت له لحية طويلة جدا، تفوق في الطول والكثافة، لحية "جيرمل سينغ برينزن واليه" زعيم "السيخ" الذي قُتل في المعبد الذهبي في الهند، سنة 1983، بصحبة رهط من أتباعه الملتحين؛ لما قرأ الخبر بالأحرف الأولى، كذّب، واتهم الجريدة بالدعاية المغرضة، واستبعد أن يقوم أهل الدعوة إلى الله بهذا "الإثم"؛ فهم ليسوا مثل الاشتراكيين كما قال، بل هم ضد الزيادة في الأسعار هكذا كان عليّ أن أدخل معه في مراهنة، تتلخص في حلق لحيته، لو صحّ الخبر؛ ولكن ضاعت الفرصة، وأُعفيت لحيته للأسف الشديد.. فمنذ شهر، كان علماء الحكامة، في حكومة العلاّمة، يستعدون في "كاب كنافيرال" الأسعار، لإطلاق الصاروخ، بغية وضع قمر الزيادة في المدار، خارج غلاف القدرة الشرائية للمغاربة، على كوكبنا الأرضي.. لقد أسْرَوا بقرار الزيادة ليلا، من بيت الحكامة، إلى سقيفة الحكومة، قبل المِعراج بالأسعار، إلى "سدرة منتهى حكامتهم" وقد حددوها ما بين 10 و20 بالمائة كزيادة في المحروقات؛ وتبعًا لذلك، فسوف تنطلق كافة صواريخ الأسعار، من منصّات الخضر، والخبز، والألبان، واللحوم، والنقل، وقِسْ على ذلك، مما ينتج عن حرقة المحروقات، وهي حرقة لا يضاهيها في الألم، إلا حرق الجلود، بواسطة السياط أمام البرلمان.. سوف يتذرّعون بانهيار صندوق المقاصة في زمنهم، ولما كان القرآن الكريم (حمّال أوجه) كما قال الإمام عليّ كرم الله وجهه، فإنهم سوف يلوذون بالآية التي تقول : "إلا ما اضطُرِرتم إليه"؛ فإجراؤهم هذا، هو اضطرار، ولا يفسح المجال لأي خيار.. هكذا سيقولون من على المنابر. والواقع، أن إلهاب الأسعار، ليس من بين الحلول التي يقترحها الإسلام على الإطلاق.. فهذه حلول رأسمالية، وليبرالية صرفة؛ فكيف أصبح الإسلاميون، يعتمدون اقتصاد "آدم سميت" تماما كما سمحوا لأنفسهم، بإشراك أفراد، هم من الآخذين بفلسفة "ماركس"، أم أنا مخطئ، سيدي القارئ؟ خطّئْني من فضلك؛ فأنا بحاجة إلى ذلك.. وعندما سينهار صندوق التقاعد، سوف يطلبون من المغاربة العمل إلى غاية أرذل العمر، وسوف يتلون : "وقلِ اعملوا فسيرى الله عملكم...".. وعندما سيغلى الدواء، وتنهار المستشفيات في زمنهم، سوف يذكّرون المغاربة بصبر سيدنا "أيوب" عليه السلام، خلال مرضه الطويل، ثم يقرؤون علينا ما قاله عليه السلام: "يا ربّ إني مّسنِيَ الضُّر، وأنت أرحم الراحمين"، في ما هم، يعالَجون في أرقى المستشفيات؛ هم وأسرهم.. كان عليهم أن يطلبوا من شيخهم، وفقيه عصرهم، "القرضاوي" أن يطلق فتوى مدوّية، تشبه فتواه التي أباحت قتل "القذافي".. ومضمون هذه الفتوى، يتعلق بزكاة "الرّكاز" في الإسلام، وهي أهم من فقه دورة المياه، ومعاشرة الحائض، وقسْ على ذلك، مما لا ينفع ولا يضرّ.. فزكاة "الرّكاز" لا تُفعَّل في بلاد الإسلام، كما تفعّل فتاوى القتل، والفتن، والإرهاب؛ وهي زكاة تخصّ التمر، والبلح، والبترول، و.. و.. و... وقدرها 25 بالمائة من الناتج السنوي، تُدفَع للمسلمين الفقراء، في البلدان التي لا بترول لها، أو على الأقل، بيع البترول للمسلمين، بأثمان رمزية، بدل إحالتهم على الأسواق العالمية، حيث النَّهم، والمضاربة التي تشبه طاولة القمار.. فحكومتنا الإسلامية، كان عليها أن تطلب مساعدة الدول الإسلامية البترولية، حفاظا على كرامة واستقرار دولة المغرب الإسلامية.. أفلا يجدر بمسلمي البترول، قضاء حاجة إخوانهم بالمغرب، حيث تحكم، وتسود حكومة دينية.. فالإسلاميون عندنا، يستوردون الفتاوى من الشرق، والأحاديث والعقائد، والقراءات الغريبة للقرآن الكريم، والتفاسير، والعطور الزكية، والألبسة الدينية، بأبخس الأثمان، ومنها ما هو هدايا؛ أفلا يجوز استيراد البترول كهدية أو بأثمنة بخسة كذلك، خصوصا والأمر يتعلق بمادة حيوية وأساسية، أم إن الإسلام يحرّم ذلك؟ الجواب عند أهل الدعوة إلى الله.