دق آلاف العاملين في القطاعين الفلاحي والصيد البحري من تقنيين ومتصرفين ومساعدين تقنيين ومساعدين إداريين ومحررين، وكذا آلاف الفلاحين الصغار، ناقوس الخطر بشأن ما اعتبروها مأساة اجتماعية يعيشها كثير من هؤلاء، وقال متضررون إن وضعيتهم الاجتماعية مأساوية، بسبب غياب روح المسؤولية لدى الجهات المعنية بالقطاع الفلاحي، موضحين أن كل الأرقام التي يتم تداولها على مستوى وزارة الفلاحة تبقى غير دقيقة، بل وتتسم بالضبابية في كثير من الأحيان، وقال متضررون إنهم يعيشون مشاكل اجتماعية خطيرة، تهدد مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم، بسبب الحيف والظلم الاجتماعي الذين يعاني منهما الكثير من العاملين في القطاع الذي يعتبر رافعة للتنمية، وأحد الدعامات الأساسية للاقتصاد الوطني. من جانبهم، قال مهنيون ومهتمون إن مخطط المغرب الأخضر فشل في دعم الفلاحة التضامنية المتعلقة بصغار الفلاحين، حيث أعطى قوته المادية والمعنوية للدعامة الأولى أي التي تهتم بكبار الفلاحين على حساب الدعامة الثانية التي تشكل أغلبية الفلاحين، وهو ما ساهم في انفجار الهجرة القروية نحو المدن مع ما تخلفه من مشاكل اجتماعية، أخطرها هو استفحال ظاهرة البناء العشوائي. وقال المهنيون إن المخطط الأخضر الذي اعتبر أحد نقط قوة الفلاحة المغربية، تعرض لمجموعة من الاختلالات، حيث لم يعط أي أهمية لصغار الفلاحين الذين يعتبرون مصدر الأمن الغذائي والسيادة الغذائية، وفق ما أشارت إليه المصادر ذاتها. وطالب عدد من المتدخلين في القطاع الفلاحي بإعادة النظر في طريقة تدبير كثير من الملفات ذات الطابع الاجتماعي، موضحين أن وزارة الفلاحة تمارس سياسة الكيل بمكيالين، فمن جهة تدعم الفلاحة الصناعية، وتوفر الدعم الكامل للمستثمرين الكبار عبر مجموعة من التسهيلات، ومن جهة أخرى تزيد من تعميق معاناة الفلاحين الصغار، خصوصا أن كل مبادرات الوزارة في هذا الاتجاه تبقى محتشمة، متهمة وزير الفلاحة بالرغبة إلى القضاء على الفلاحة التضامنية التي تشكل أكثر من 70 في المائة من النشاط الفلاحي. وأشارت المصادر إلى أن المخطط الأخضر لم يعط للأمن الغذائي المكانة التي يستحقها خصوصا أنه توجه كلية نحو كبار الفلاحين الذين يبقى همهم الأول هو الفلاحة التسويقية، داعين إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي فيما يخص المواد الأساسية وهي الحبوب والزيت والسكر. إلى ذلك اعتبرت المصادر أن وزارة الفلاحة فشلت فشلا ذريعا في تحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من المواد، خاصة إنتاج السكر حيث تقلصت نسبة الإنتاج من 60 في المائة إلى 25 في المائة، موكدة أن المغرب أصبح يستورد 75 في المائة من حاجياته من الخارج.... في السياق ذاته، انتقدت المصادر ذاتها المناظرة الوطنية الخامسة التي انطلقت أول أمس بمكناس على هامش المعرض الدولي للفلاحة، وقالت المصادر إن المناظرة تحولت إلى عمل نمطي، بعدما فشلت في طرح مواضيع حقيقية للنقاش، موضحة أن المناظرة لم تبرمج أي موضوع حول الأمن الغذائي والسيادة الغذائية، مع أن أكبر مشاكل المغرب الراهنة المتمثلة في تحقيق الأمن الغذائي. خصوصا أن الفلاحة المغربية مرتبطة بشكل أساسي بنزول الأمطار، وقالت المصادر إن ظاهرة الجفاف باتت مسألة هيكلية وليست ظرفية، محذرة من تقلص المساحات الزراعية، وبالتالي تقلص الإنتاج، وأضافت أن إنتاج الحبوب انتقل من 100 مليون قنطار إلى أقل من 50 مليون قنطار وذلك في ظرف ثلاث سنوات.