فرض الربيع العربي نفسه في منتدى دافوس الذي اختتم في العاصمة السويسرية أول أمس الأحد، وسط تحذيرات خبراء الاقتصاد من انتقال عدوى مشكلات منطقة اليورو إلى مناطق أخرى، مما ينذر بمزيد من الكوارث الاجتماعية التي فجرت عددا من الأنظمة العربية خلال سنة 2011. واعتبر مشاركون في المنتدى الذي عرف كما هو حال السنوات الماضية احتجاجات لعدد من الجمعيات المناهضة للعولمة، أن سنة 2011 كانت صاخبة بسبب الاضطرابات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأزمة الديون المتفاقمة في أوروبا وزلزال التسونامي في اليابان، وهو ما أرسى لهجة جديدة أثناء المنتدى بشأن توجهات الشركات حول العالم خلال سنة 2012. وأظهر استطلاع للرأي خلال المنتدى الاقتصادي العالمي أن الخوف من التطورات الجيوسياسية الكبرى على مدى الأشهر ال12 المقبلة، قد ارتفع إلى 54 بالمائة بعدما كان 36 بالمائة في الربع الأخير من العام المنصرم. واستأثر الربيع العربي ومشاركة عدد من مسؤولي الحكومات العربية التي عرفت صعود الإسلاميين وبينهم المغرب، باهتمام خاص، سيما في ظل تنامي التخوفات من وقوع تحولات في علاقة هذه الحكومات بالشركات العالمية، ليتحول الخوف إلى جدل، بشأن الإجراءات التي يمكن القيام بها من أجل إعادة الثقة إلى المستثمرين الأجانب، وكان لافتا الدعوات التي وجهها الإسلاميون إلى الشركات العالمية بضرورة مواصلة الاستثمار في الدول العربية وضخ مزيد من رؤوس الأموال، بدعوى أن هذه الدول أصبحت تنعم إلى جانب الاستقرار السياسي بنوع من الشفافية على مستوى تدبير الشأن العام. وكان واضحا من مناقشات المنتدى أن لدى الشركات الكبرى حالة من التخوف تجاه صعود التيارات الدينية، بينما حاول ممثلو الربيع العربى التركيز على التحديات الاقتصادية التى تنتظر الحكام الجدد وضرورة مساندة الاقتصاد العالمي لهم لتجاوزها، مشددين، على أن الشعوب العربية تتطلع لتوفير فرص العمل والإحساس بالأمن ورغبة الناس فى اختيار أكثر المجموعات تنظيما. وطالب رئيس الوزراء التونسي حمادي جبالي، مجتمع الأعمال الدولي بأن يكون أكثر حرصا فى استخدام المصطلحات السياسية التى يفسر بها توجهات الحكام الجدد لدول الربيع العربي، مشيرا، إلى أنه لا يجب تسمية الأنظمة الجديدة أنظمة إسلامية، بينما شن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران هجوما مضادا على مجتمع الأعمال الدولي بقوله إنه كان يدعم الاستبداد، واعدا الشركات العالمية بضمان مصالحهم أكثر مما كانت تفعل الأنظمة السابقة. إلى ذلك طالب المنتدى، بضرورة تخصيص دول منطقة العملة الأوروبية الموحدة مزيدا من الأموال لتأسيس جدار حماية مالي لمنع انتقال المشاكل الاقتصادية من بعض الدول الأعضاء إلى غيرها في المنطقة. وجاء هذا بعدما حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من انتشار أزمة منطقة اليورو في بقية مناطق العالم، مشيرة، إلى أنه لا يوجد بلد محصن ضد "هذه العدوى". من جهة أخرى، رفع المحتجون خارج المنتدى شعارات تندد بالرأسمالية المستغلة واستغلال ثروات الشعوب وانتهاكات حقوق الإنسان عبر الشركات الدولية الكبرى وأخرى توضح بالأرقام حجم المشكلات التي يعاني منها العالم.