تبين أن التيارات الراديكالية مثل جماعة العدل والإحسان والنهج الديمقراطي والسلفية الجهادية يئست من حركة 20 فبراير التي مهما اختلفت مواقفها فإنها لم تصل حد التشكيك في أصل الدولة وبعد أن ظهر لهذه التيارات أن مسيرات ووقفات هذه الحركة مهما حققت من أهداف لن تصل إلى الأهداف المرسومة لديها وبالتالي شرعت هذه التيارات في البحث عن حركات أخرى للركوب عليها، وقد أكدت مصادر جيدة الاطلاع أنّ المطالب المشروعة لحملة الشهادات المعطلين قد تمّ الركوب عليها من طرف أطياف سياسية راديكالية على رأسها جماعة العدل والإحسان، التي استطاعت اختراق صفوف الجمعية المذكورة في اتجاه تأجيج مناخ الاحتجاجات ولحظة الاحتكاك بين المحتجين وعناصر القوة العمومية. وأفادت المصادر نفسها بأن المنتمين لجمعية حملة الشهادات لم يسبق لهم أن لجأوا إلى هذا النمط الاحتجاجي والمتمثل في احتلال البنايات العمومية و"اقتحام" مرافق المؤسسات العمومية، كما لم يسبق للطلبة المعطلين أن لجأوا إلى استعمال العنف ضد أفراد القوة العمومية أو قيامهم برشق قوات حفظ النظام بالحجارة. ويرى بعض المتتبعين للحركات المطلبية في المغرب أن الأشكال الاحتجاجية التقليدية وذات الطابع السلمي لم تعد تخدم أهداف ومشاريع الجماعات والتيارات السياسية الراديكالية التي تراهن على التصعيد السياسي وتأجيج الشارع المغربي، على اعتبار أن نمط الاحتجاج التقليدي يبقي تلك الاحتجاجات في خانة الاحتجاج والتدافع الاجتماعي العادي بين المجموعات الاجتماعية من جهة، والسلطات والإدارات العمومية من جهة أخرى، وهو أمر لا يخدم الأجندات السياسية التي تجتهد في استغلال زمن الاحتجاج وفي الركوب السياسي على ما هو اجتماعي ومشروع. ويرى المهتمون بالحركات المطلبية أنه في ظل تداعيات حركية 20 فبراير والقدر الكبير والتدريجي من الاستجابة المطلبية الذي أبانت عنه الدولة، ستعمل التيارات الراديكالية والجماعات المتشددة، التي راهنت سياسيا على حركة 20 فبراير ولم ترقها النتائج، على الاستثمار أكثر في الأشكال الاحتجاجية، ذات الطابع الاجتماعي والسلمي، بأن تدفع بها حتى تصبح متمسحة بمسحة الاستفزاز والعنف كما وقع في مدينة خريبكة منذ أسابيع، وكما حصل في الرباط وآسفي يوم الجمعة. يذكر أنه أصيب عشية يوم الجمعة الماضي 23 عنصرا من القوة العمومية على إثر محاولة مجموعة من حملة الشهادات المعطلين اقتحام مقر وزارة التربية الوطنية بالعاصمة الرباط. ففي حدود الساعة الخامسة بعد الزوال، قام حوالي 800 من المحسوبين على الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بتنظيم مسيرة غير مصرح بها، انطلاقا من مقر الاتحاد المغربي للشغل في اتجاه مقر وزارة التربية الوطنية معرقلين حركة السير في المحور الطرقي خلال ساعة الذروة، في الوقت الذي اكتفت فيه عناصر القوات العمومية بتأطير المسيرة. وبوصولهم إلى مقر الوزارة والمعهد العالي للإدارة، حاول المتجمهرون اقتحامهما عن طريق تكسير الأبواب الخارجية بهدف تنظيم اعتصام مفتوح داخله. على إثر ذلك، قامت عناصر حفظ النظام بوضع الترتيبات الأمنية لمنع المحتجين من اقتحام مبنى الإدارة المذكورة، الأمر الذي دفع المتجمهرين إلى رشقهم بالحجارة الخاصة بترصيص الممرات المتصلة بمشروع سكة الترامواي، وكذا القارورات والحواجز الحديدية، مما تسبب في جرح وإصابة 18 عنصر أمن و سبعة من عناصر القوات المساعدة. وحسب المعطيات المتوفرة، فيتعلق الأمر بنفس المجموعة التي سبق لها اقتحام مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان في 12 أبريل الجاري، والتي كانت قد عرضت مشتملاته ومرافقه للتخريب والتكسير، وهما ما دفع المجلس وقتها إلى إصدار بيان استنكاري ندد فيه بتلك الممارسات التي اعتبرها بعيدة عن سلوكيات الاحتجاج السلمي والحضاري.