أجرت قيادات من العدالة والتنمية، محسوبة على عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب الذي عينه جلالة محمد السادس الثلاثاء الماضي رئيسا للحكومة، اتصالات مكثفة مع قيادات من حزب التجمع الوطني للأحرار، وتم استعمال مجموعة من الأساليب قصد استمالة التجمع للمشاركة في الحكومة ولم تترك قيادة الحزب الفائز أية وسيلة لمشاركة التجمعيين في حكومة بنكيران، حيث اتصل عزيز رباح، عضو الأمانة العامة للحزب، بأصدقائه في التجمع وخصوصا وزراء سابقين، كما اتصل لحسن الداودي بمصطفى المنصوري عارضا عليه مشاركة التجمع في الحكومة مقابل عودة المنصوري لرئاسة مجلس النواب. وكان المكتب التنفيذي للتجمع الوطني للأحرار قد أصدر بيانا أكد فيه أنه اختار بكل وعي ومسؤولية ودفاعا عن مشروعه الحداثي الديموقراطي الاصطفاف في المعارضة احتراما للمنهجية الديموقراطية وترجمة لنتائج الانتخابات التي شهدها المغرب الأسبوع الماضي. واعتبر أن "المعارضة" ممارسة تؤسس لديمقراطية فعالة ومسؤولة بوأها الدستور الجديد مكانة متميزة، ومن المنتظر أن يعقد التجمع دورة استثنائية لمجلسه الوطني، الذي يعتبر أعلى هيئة تقريرية في الحزب، قصد ترسيم موقف الاصطفاف في المعارضة. وما زال الأمل يحذو حزب العدالة والتنيمية كي يشارك التجمع في الحكومة المقبلة، وهذا الإصرار نابع من كون بنكيران، الذي فوضته الأمانة العامة تشكيل الحكومة، يعرف أن التجمع هو حلقة الوصل مع القصر، وأن حزب التجمع واكب نجاح حكومة التناوب وأنه لم يستعمل وسائل العرقلة خلال حكومات عبد الرحمن اليوسفي وإدريس جطو وعباس الفاسي وأظهر إمكانيات الانخراط في الإصلاحات الهيكلية الكبرى. وأكدت وقائع التداول حول تشكيل الحكومة الجديدة أن حزب العدالة والتنمية لن يقبل مشاركة حزب الاستقلال إلا على مضض، باعتباره سيكون حزبا قويا في الائتلاف الحكومي وسيفرض شروطا صعبة على بنكيران، كما أنه سيعرقل الإصلاحات الهيكلية بدليل أنه لم يقبل إصلاح صندوق المقاصة، وسيعرقل فتح ملفات الفساد التي تهم العديد من الإدارات التي يوجد على رأسها استقلاليين. ويرى حزب العدالة والتنمية أنه من الأفضل مشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة لأنه في نظره، من الأحزاب الجريئة القادرة على فرض الإصلاحات الهيكلية وكذلك لأنه حزب ملتزم إضافة إلى أنه راكم خبرة في تدبير الشأن العام. وكانت الأمانة العام لحزب العدالة والتنمية قد اجتمعت أول أمس الأربعاء بعد أن تم يوم الثلاثاء الماضي استقبال عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب، من طرف جلالة الملك محمد السادس وتعيينه رئيسا للحكومة وتكليفه بتشكيلها، وتدارست الأمانة العامة آليات تشكيل الحكومة، وفوضت لبنكيران تشكيل الحكومة. إلى ذلك قال مصدر من الحركة الشعبية، أن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ربطت الاتصال بالأمانة العامة للحركة الشعبية قصد ترتيب لقاء بين بنكيران والعنصر، ومن المتوقع أن يكون الزعيمان قد اجتمعا أمس الخميس. وستتكون المعارضة من حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي استعاد عافيته بعد التغييرات التنظيمية التي أجراها، وحزب الأصالة والمعاصرة الذي كرسته صناديق الاقتراع حزبا سياسيا محترما بعدما تعرض لحملة تشنيع كبيرة، ثم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي خرج من صف المعارضة منذ 13 سنة، والذي تبقى احتمالات مشاركته في الحكومة ضعيفة جدا. ويذكر أن مناضلي حزب التجمع الوطني للأحرار توصلوا صباح أمس برسالة هاتفية قصيرة، مفادها أنها صادرة عن أعضاء من المجلس الوطني ينتقدون اصطفاف الحزب في المعارضة.