صبت يومية المساء مزيدا من الزيت في نار الحراك السياسي الذي يعرفه المغرب منذ حوالي تسعة أشهر حين ادعت أن مسيرات الأحد الماضي أعادت إحياء حركة 20 فبراير، بالنظر إلى أعداد المشاركين فيها، الذين قدرتهم الجريدة بالآلاف خاصة في مدينة طنجة، مع أنه لم تكن هناك أرقام مضبوطة بشأن حجم المشاركة في هذه المسيرات التي أطرتها جماعة العدل والإحسان التي استولت بشكل كامل على حركة 20 فبراير وحولتها إلى ذراع شعبي للجماعة. ووفق التقديرات فإن مسيرات الأحد الماضي عرفت مشاركة 12 ألف شخص، وهيمن عليها نشطاء جماعة العدل والإحسان، وبعض كوادر اليسار الراديكالي الذي يعيش خريف عمره بسبب التطاحنات التي يشهدها اليسار هذه الأيام بعدما انسلخ عدد من المنتسبين إليه رافضين قرار مقاطعة الانتخابات الذي اتخذ من قبل أحزاب راديكالية لا تؤمن بالتغيير الديمقراطي. طريقة تغطية يومية المساء للتظاهرات التي شهدتها مجموعة من المدن المغربية، والتي اتسمت باحترافية كبيرة لقوات الأمن التي اعتمدت نظام المراقبة عن بعد، لم تخل من مغالطات، خصوصا في طريقة تدبير المعطيات المتوفرة، والتي أشارت إلى مشاركة مواطنين عاديين في هذه المسيرات، مع أن أغلب الملاحظين أكدوا أن من شاركوا في هذه المسيرات ومن غذوها بالشعارات كانوا من أعضاء جماعة العدل والإحسان التي تحكمت في خط سيرها وفي الشعارات المرفوعة والتي هي جزء من أدبيات الجماعة. وقال المراقبون إن قرار مقاطعة الانتخابات الذي اتخذته جماعة ياسين ومعها اليسار العدمي ليس أمرا جديدا، بل إنه راسخ في ذاكرة هذه الجهات، التي تعودت على الانسلاخ عن هموم الشعب المغربي، بسبب تفكير استئصالي تؤمن به، وكذلك عياب الديمقراطية الداخلية لدى هذه التيارات، التي لا تؤمن إلا بصوتها، لكن المثير بالنسبة للمراقبين هو طريقة تعامل بعض وسائل الإعلام مع مثل هذه الأمور، حيث ذهبت إلى حد نعتها بالابتزاز في مواجهة السلطة. وقال المراقبون إن مسيرة الرباط وعكس ما ادعت يومية المساء لم تعرف مشاركة سوى مئات من الأشخاص أغلبهم تابعون لجماعة العدل والإحسان والذي تم استيرادهم من مناطق مختلفة لرفع نسبة المشاركة، كما أن المسيرة عرفت غياب كثير من الوجوه التي سبق أن أتت المسيرات السابقة بعدما رفضت هيمنة العدل والإحسان وتحويل المسيرات إلى ساحة للقتال، من أجل فرض الأمر الواقع. والواقع أن طريقة تدبير يومية المساء لمسيرات الأحد الماضي ينم عن ارتباك في التعامل مع المستجدات في الساحة المغربية، فهي من جهة حاولت توهيم القراء أن المسيرات عرفت نجاحا كبيرا، ومن جهة أخرى عملت على خطب ود شيخ القومة الكبرى عبد السلام ياسين، حين أكدت أن المسيرات شهدت هيمنة جماعة العدل والإحسان، لنصبح أمام جريدة تبيع الوهم للمغاربة وتزرع فيهم بذور اليأس والتشكيك.