الحملة الانتخابية السابقة لأوانها سبق أن كتبنا عن الحملات الانتخابية السابقة لأوانها وعن الأنشطة التي تقوم بها الأحزاب السياسية في الفترة التي تسبق الفترة المحددة للحملة الانتخابية كما ينص عليها مرسوم رئاسة الحكومة، والمحددة في الفترة ما بين 12 و24 من الشهر الجاري، وأكدنا على أن التجمعات الحزبية وتوضيح البرامج جاري به العمل بل تعمل وسائل الإعلام العمومية منذ مدة على التعريف بالأحزاب السياسية، لكن غير القانوني هو الدعوة إلى التصويت على حزب أو عدم التصويت على غريمه، وهذا ما أكده وزير الداخلية في معرض رده على سؤال شفوي لفريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، حيث قال إن "مفهوم الحملة الانتخابية السابقة لأوانها لا يمكن أن يؤول إلا كقيام بأعمال مخالفة للقانون، فلا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار النشاط العادي للأحزاب السياسية حملة انتخابية سابقة لأوانها". لكن هناك نوع من المناشط لا يمكن إلا اعتبارها حملات انتخابية سابقة لأوانها، من قبيل استغلال نفوذ الحزب أو الشخص بالإدارة أو بالمجالس المنتخبة لتقديم وعود صريحة أو غير صريحة أو تقديم خدمات للمواطنين على مقربة من الحملة الانتخابية، لأن استغلال نفوذ الإدارة يعني عدم التكافؤ بين المرشحين في المنافسة الشريفة على المقاعد الانتخابية. فالموضوع الذي أثير أخيرا حول استغلال حزب الاستقلال لنفوذه الإداري يبقى غير طبيعي ويمنحه مقاعد زائدة وبسهولة نظرا لوجود مجموعة من مسؤوليه على رأس مؤسسات عمومية ذات طابع اجتماعي، ويتعلق الأمر بياسمينة بادو وزيرة الصحة التي أقدمت على مجموعة من الإجراءات والتنقيلات التي لها علاقة بدعم مرشحي حزب الاستقلال في مجموعة من المناطق. بفعل تواجده داخل الإدارة المغربية منذ الاستقلال أنتج شبكة أخطبوطية متحكمة في دواليب الإدارة المغربية، ولوبي ضاغط يخدم مصالح حزبية وعائلية ضيقة جعل من الإدارة لتحكمه السياسي المكشوف، غايته خدمة الحزب وليس مصالح المرتفقين وخدمة الصالح العام. هذا الكلام الوارد على لسان مرشحين متضررين له جزء من الحقيقة التي لا يمكن أن يخفيها أحد. وحتى حزب السلطة الدينية والذي يعتبر حزبا جديدا يحاول اليوم استغلال وجوده على رأس بعض المجالس للقضاء على خصومه باكرا، وحتى قبل أن تبدأ الحملة الانتخابية وما قام به عزيز رباح عضو أمانته العامة لا يدخل إلا في هذا النطاق، فكيف ينتظر سنوات قبل أن يستقدم شاحنات لنقل الأزبال التي ليست من مهمة المجلس الجماعي ولكن من مهمة شركة عبر التفويض. فما هو موقع هذه الممارسات في مغرب الدستور الجديد خاصة ونحن نعيش في ظل أجواء الانفتاح ومناخ الإصلاح والتغيير الذي انخرطت فيه بلادنا؟ وهل لازالت الظرفية السياسية اليوم التي يعيشها المغرب تسمح باستمرار جهات حزبية معينة في الاتجار بمناصبها ومواقعها الإدارية مقابل فوائد انتخابية وربح سياسي ضيق؟ وهل تسطيع الأحزاب السياسية التي تقوم بهذه الممارسات أن توضح خلفياتها؟ لقد دافعنا عن حق الأحزاب السياسية في عقد لقاءات بل اعتبرناه دورها الرئيسي داخل المجتمع، لكن لا بد من انتقاد الممارسات التي تقوم على أساس النفوذ مهما كان.