يتواجه المرشحون للانتخابات الرئاسية الفرنسية مساء الثلاثاء في مناظرة تلفزيونية جديدة قبل ثلاثة أسابيع من عملية الاقتراع، في محاولة لإقناع أعداد الناخبين الذين لم يحسموا خيارهم بعد، وإبعاد خطر مقاطعة قياسية يهدد هذا الاستحقاق. وفي بادرة غير مسبوقة قبل دورة أولى من الانتخابات الرئاسية، يلتقي المرشحون ال11 في مناظرة ليعرض كل منهم مشروعه، في سياق حملة شهدت فضائح وتقلبات في المواقف وتلقى متابعة حثيثة خارج فرنسا، فيما تتوقع استطلاعات الرأي انتقال مرشحة اليمين المتطرف إلى الدورة الثانية. وسبق أن دار نقاش حاد بين المرشحين الخمسة الرئيسيين في 20 مارس في مناظرة تلفزيونية تابعها أكثر من عشرة ملايين مشاهد. وتأمل مارين لوبن رئيسة حزب الجبهة الوطنية المعادي للهجرة والمعارض لأوروبا، وإيمانويل ماكرون الوزير السابق في حكومة الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند والذي انتقل إلى الوسط، في تعزيز تقدمهما مساء الثلاثاء في وقت يكادان يتعادلان في استطلاعات الرأي بحصول كل منهما على حوالى 26% من نوايا الأصوات، ولو أن تقدمهما على المرشحين الآخرين سيحمل خصومهما على تركيز انتقاداتهم عليهما. أما مرشح اليمين فرنسوا فيون الذي تراجع إلى المرتبة الثالثة (17%) بعد فضيحة حول وظائف وهمية أدت إلى توجيه التهمة إليه ولا سيما باختلاس أموال عامة (في سابقة بالنسبة لمرشح اساسي للرئاسة)، فسيسعى لإقناع الناخبين بصوابية برنامج التقشف الذي يدعو إليه، أملا في الانتقال إلى الدورة الثانية. ويأتي في المرتبة الرابعة زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي يواصل التقدم في استطلاعات الرأي حيث بات يحظى بتأييد 15% من الناخبين، متقدما بفارق كبير عن خصمه الاشتراكي بونوا آمون. ويأمل ميلانشون في مواصلة التقدم سعيا لتخطي المحافظ فيون. وأعلن ميلانشون (65 عاما) المعروف بمهاراته الخطابية الأحد "الموجة تندفع" مضيفا "الأمر شبيه بقدوم الربيع، لا نراه، وفجأهّ هناك أزهار". وقال برونو جانبار من معهد "أوبينيون واي" معلقا على مرشح اليسار المتطرف الذي نجح في معسكر اليسار في تجاوز بونوا آمون بدون الخضوع للانتخابات التمهيدية، "من الواضح أن ميلانشون سجل العديد من النقاط خلال المناظرة الأولى بفضل شخصيته وأسلوبه في التعبير واتخاذ مواقف قوية وإن كانت أحيانا مواقف أقلية". أما المرشحون الستة الآخرون الذين لا يحظون سوى ببضع نقاط مئوية من نوايا الأصوات، فسيسعون إلى تعريف الناخبين الفرنسيين عن أنفسهم من خلال توضيح اقتراحاتهم حول المواضيع الثلاثة المطروحة للنقاش مساء الثلاثاء، وهي الوظائف والأمن والمسائل الاجتماعية. ولن تتيح هذه المناظرة سواء من حيث إطارها أو عدد المشاركين فيها، طرح أفكار ومناقشتها، إذ سيقتصر الوقت المتاح لكل من المشاركين للقيام بمداخلاتهم على حوالى ربع ساعة. وقبل 19 يوما من الانتخابات، ترتدي مسالة إقناع الناخبين أهمية جوهرية، مع إعلان حوالى ثلثهم عزمهم على المقاطعة، وهي نسبة قياسية لانتخابات رئاسية تنجح عادة في تعبئة حوالى 80% من الفرنسيين. ومن الملفت ايضا أن عدد الناخبين المترددين لم يكن يوما بهذا المستوى قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات، بما في ذلك بين الذين يؤكدون عزمهم على المشاركة. ويقول حوالى ثلث الفرنسيين (38% بحسب معهد بي في آ، و31% بحسب إيفوب) أنهم لم يقرروا بعد لمن سيصوتون، أو أنه ما زال من الممكن أن يبدلوا رأيهم. ويعقد هذا التردد عمل معاهد استطلاعات الراي التي باتت تحت المجهر بعدما فشلت زميلاتها الأميركية في توقع انتخاب دونالد ترامب في البيت الأبيض، وعجزت المعاهد البريطانية عن ترقب قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي. وما ساهم في تعزيز الريبة حيال توقعات معاهد استطلاعات الرأي، أن الانتخابات التمهيدية في اليمين واليسار في نهاية 2016 ومطلع 2017 أسفرت عن هزيمة مفاجئة للمرشحين الأوفر حظا في المعسكرين رئيس الوزراء اليميني السابق آلان جوبيه ورئيس الوزراء الاشتراكي السابق مانويل فالس.