أكد عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، على أن الإعلام والقضاء ركيزتان أساسيتان في أي نظام ديمقراطي، لكنهما يشكوان من حالة تصادم، معتبرا أن القضاء يشكو من الصحافة التي تمارس ما سماه سلطة الرأي العام، إضافة إلى انشغاله وقلقه من تطور وسائل الاتصال، "التي جعلت الإعلام عصيا على الترويض، ويكاد يكون طفيليا يتدخل في كل كبيرة وصغيرة في مجال القضاء بالخصوص"، وفق تعبيره. وجاء على لسان البقالي، في مداخلة له في ندوة حول "الإعلام والقضاء: تعديلات قانونية من أجل خيارات مجتمعية"، أقيمت مساء الخميس ببيت الصحافة بطنجة: "أعتقد أن الإعلام من حقه أن يراقب؛ لأن القضاء ينزع نحو التكتم والسرية، ما يقلل من دور الصحافة في نقل الحقائق إلى الرأي العام وإشباع المجتمع من حاجته إلى المعرفة". وذكر المتحدث نفسه مجموعة من المستجدات الإيجابية التي همّت قانون الصحافة والنشر، معتبرا إياها "طفرة في ممارسة مهنة الصحافة"، ومن بينها تلك التي همّت تحجيم الاعتداءات على الصحافيين، قائلا في هذا الباب: "اسمحوا لي أن أؤكد أن هذه الاعتداءات تتم عن قصد؛ لأن هذه القوات تريد أن تبتُرَ إمكانية نقل الوقائع التي تكون على شكل احتجاجات في الغالب". كما نبه البقالي إلى إشكالية التطبيق في الفصل 72، المتعلق ب "الإشادة بجرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم الإرهاب"، مضيفا أن "هناك من يتابع لأنه نشر تدوينات على فيسبوك تتعلق بقضايا الإرهاب". وفي كلمة ألقيت بالنيابة عن مصطفى فارس، رئيس محكمة النقض، اعتبر أن المفاهيم والأشكال في ممارسة الصحافة "تعددت وبرزت معها إشكاليات تنظيمية وأخلاقية جعلت الحاجة ملحة إلى إعادة ترتيب العلاقات وتوضيح الحقوق وتحديد الواجبات؛ وهو ما يستدعي التعاطي المسؤول، مع القطع مع كل الاعتبارات، إلا اعتبار المسؤولية من أجل مصلحة الوطن". وذلك لا يمك تطبيقه حسب فارس، "إلا بقضاء مستقل وإعلام جاد". وتضمنت مداخلة سعيد كوبريت، رئيس بيت الصحافة، أن اللقاء الذي يأتي بين صناع العدالة الاجتماعية وقادة الرأي العام جاء للتفكير في مواضيع شائكة للطرفين، وأنه "لم يكن ترفا فكريا أو بحثا عن عنوان براق لإثارة العناوين الكبرى للصفحات الأولى"، وأضاق: "بل لأننا نعي جيدا أن المغرب الديمقراطي الذي نصبو إلى تكريس قيمه لن يستقيم أبدا دون هذا التوافق والسجال الذي قد يصل حد التصادم، لكنه يفرز مُخرجات حقيقية لبوصلة طريق سليمة حتى ننعم بهذه المرجعية الأساس في المحيط الإقليمي". وتناول بالذكر محمد الخضراوي، نائب رئيس الودادية الحسنية للقضاء الجوانب الثلاثة لعلاقة القضاء بالإعلام، وهي حسب قوله: "علاقة تعاون، وعلاقة رقابة متبادلة، وخضوعهما معا إلى رقابة جهات عليا أخرى". وطرح المتحدث ذاته التساؤل التالي: إن كان الطرفان معا قادرين على التجاوب مع التعديلات الجديدة، من حيث التكوين والنصوص والآليات. من جهته، استحضر نور الدين مفتاح، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الوضعية الهشة اقتصاديا للصحافيين، والتي تجعلهم غير قادرين على القيام بواجباتهم بشكل كامل، موضحا أن هذا ليس مبررا، لكنه واقع، وأكمل حديثه: "إضافة إلى أن دور الصحافي في نقل المعلومة لم يعد حصريا، إذ أصبحت الهواتف الذكية تزاحمه في هذا الدور". وبين مفتاح أن المجلس الوطني للصحافة استبق العقوبات القضائية بعقوبات يفرضها على الصحافيين، من قبيل نزع البطاقة والتوقيف عن العمل.