أثناء وجودي في الولاياتالمتحدة شهدت واقعة مثيرة أثناء إحدى صلوات الجمعة. فقد أتى شاب يرتدي قميصا مكتوبا عليه "أحب المسيح" إلى صلاة الجمعة التي شارك فيها مسلمون من جنسيات مختلفة وقام بأداء الصلاة. وبعد الانتهاء من الصلاة اقترب رجل كبير في السن من الشاب وقال له :"المسلم لا يرتدي ملابس كهذه. أعد صلاتك". فسأله الشاب وليست على وجهه أمارة غضب أو انفعال بل كان مبتسما: "عمي الحاج هل لك أن تذكر لي أركان الإسلام؟". وغضب الرجل من ذلك وترك الجامع وابتعد. ولسبب ما نشهد دائما في هذه الفترة من العام حملة "المسلم لا يحتفل بالكريسماس". دعوني أقول بصراحة أنني طوال حياتي لم أشهد مسلما واحدا يحتفل بالكريسماس. وبالتأكيد رأيت مسلمين يهنئون جيرانهم المسيحيين بالكريسماس. لكن "يقظة الكريسماس" التي نشهدها في هذه الفترة من العام تتحول بشكل مثير إلى عادة مع مرور الوقت. حيث تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر جنودا انكشاريين وهم يطاردون بابا نويل. وفي بعض المناطق تحرق مجسمات بابا نويل وما شابه. وترفع شابات يرتدين الحجاب لافتات مكتوبة عليها "المسلم لا يحتفل بالكريسماس" أمام الكاميرات. دعونا نكن صريحين، لم نسمع أن مسيحيا أجبر مسلما على الاحتفال بالكريسماس. وأعتقد أننا نقول ذلك من دون سبب. فالحقيقة أن المسلم لا يحتفل بالكريسماس، ولماذا سيحتفل به! إن العقلية التي كانت على سدة الحكم في هذا البلد في يوم من الأيام حاولت على مدار عشرات السنين تغيير اسم عيد الفطر (ويعرف في تركيا بعيد رمضان) وأصرت على تسميته ب"عيد الحلوى" ومن الواضح أنهم اعتقدوا أن إصرارهم بهذه الطريقة سيجعل الشعب يتقبل هذا الاسم وسينسى الصيام والعبادة. وبالتأكيد هذا لم يحدث... هل تعرفون سلطان دولة بروناي حسن بلقية؟ اسمه الكامل هو حسن بلقية معز الدين وعد الله بن السلطان المرحوم الحاج عمر علي سيف الدين سعد الخيري والدين. السلطان بلقية يتولى عرش سلطنة بروناي، التي تعد ثاني أغني دولة في العالم بعد قطر، منذ عام 1968. ويدير أيضا شركة للنفط بجانب إدارة الدولة.واحتل المرتبة الحادية عشرة في قائمة أغنى أغنياء العالم، التي نشرتها مجلة فوربس بإجمالي ثروة بلغت 38 مليار دولار. وفي العام نفسه أضاف بلقية مادة إلى دستور بلاده مفادها أن السلطان لا يخطئ. والقول بعكس هذا يعد جريمة في بروناي فإن قلتم إن السلطان يخطئ سينتهي بكم المطاف في السجن. ويمكن تفسير الجزء الأخير هذا بالمثل التركي القائل"ثروة الغني ترهق ذقن الفقير": له قصر اسمه "إيستانه نور الإيمان" ويعد ثاني أكبر قصر في العالم ومطلي بالذهب والفضة ويتكون من 1788 غرفة، كما يحتوي على 257 مرحاضا و650 غرفة منفصلة لاستضافة الضيوف. وفي الماضي تزوج أصغر أبناء السلطان ويدعى عبد الملك في هذا القصر. وكان للعروس "رابعة العدوية" حذاء مزين بمجوهرات سواروفسكي وصنعت خصيصا لها، وكان الناس يقولون حينها إن ثمن ذلك الحذاء الذي ارتدته العروس من ماركة كريستيان لوبوتان يعادل الدخل القومي للعديد من الدول الصغيرة. ولن نتطرق للحديث عن الطائرات والمروحيات التي يمتلكها السلطان بالإضافة إلى سبعة آلاف سيارة الخاصة به وقد صنعت إحداهامن الذهب الخالص. على أية حال لن أطيل الحديث عليكم... أول من أمس أصدر سلطان بروناي قانونا يحظر الاحتفال بالكريسماس في الساحات العامة. وبعد إصدار هذا القانون، الذي يقال إنه أصدر بهدف حماية المسلمين، فإن قول "عيد نويل سعيد" يعد جريمة يعاقب عليها بالغرامة أو الحبس خمس سنوات. الشباب المسلمون يرفعون لافتات مكتوبة عليها" المسلم لا يحتفل بالكريسماس" ولا أعرف إن كنتم رأيتم مسلما يحتفل به. أظن أننا سنواصل حسد سلطان بروناي إلى أن نرى لافتات مكتوبة عليها "المسلم لا يكذب" و"المسلم لا يظلم" و"المسلم لا يسفك الدماء" و"المسلم لا يسرق" و"المسلم لايكون سيئ الأخلاق" والسلام.